ألسيطرة ألعثمانية
على مصر والحجاز واليمن
بينما كان السلطان
العثماني سليم الاول يدعم سيطرته على الشام اجتمع في القاهرة قادة المماليك العائدون
من القتال وانتخبوا السلطان الغوري ( طومان باي) سلطاناً – جديداً علهم وقد كان على
طومان باي توحيد صفوف المماليك واعادة بناء الجنش المملوكي بعد هزيمة مرج دابق وسقوط
الشام بما يكفل الصمود في وجه الجيش العثماني ومما زاد في صعوبة هذه المهمة ان الوقت
لم يعد كافياً للقيام بهذه المهمة على الوجه الاكمل بعد ان قرر السلطان مواصلة زحفه
نحو مصر واسقاط قبضته لذلك عرض على طومان باي المملوكي الجديد الاعتراف بالخضوع للسيطرة
العثمانية.
في مقابل الاحتفاظ
بمنصب حاكم مصر ولكن طومان باي رفض ذلك واصر على المقاومة ويبدو ان هناك سببين مهمين
لذلك: اولهما ان طومان باي كان يعتقد ان السلطان سليم لم يكن جاداً فيما عرضه من مقترحات
اذ ان رسالته التي بعث بها تنطوي على تهديد مباشرة فسليم يعلم يقينا ان قاعدة المماليك
الاساسية هي مصر وليس الشام ولو انه عاد الى أستانبول بدون غزو مصر فمن المؤكد ان المماليك
سيحاولون تجميع قولهم والتحول من موقع الدفاع الى الهجوم على العثمانين لاستعادة الشام.
اما السبب الثاني
فيكمن في ضغط الامراء المماليك على طومان باي خشية ان يثبت مركزه كسلطان في مصر.
حاول المماليك بقيادة
طومان باي بأن تجمع قواهم واقاموا خطا دفياً عند الصالحية لعرقلة الزحف العثماني غير
ان العثمانيين بعد استيلائهم على غزة تجنبوا هذا الخط الدفاعي وانحرفوا نحو الجنوب
ودخلوا الدلتا حتى بليس وفي مشارف القاهرة عند ( الريدانية) حدثت المعركة الحاسمة الثانية
في حياة الدولة المملوكية في 23 كانون الثاني 1517 م وانتهت بهزيمة المماليك ودخول
العثمانيين مدينة القاهرة في اليوم السادس والعشرين من الشهر نفسه وبذلك هوت الدولة
المملوكية التي امتد حكمها من سنة ( 1250- 1517م).
انسحب طومان باي
الى المنطقة الجزيرة وحاول تنظيم حركة المقاومة هناك لكن القوات العثمانية تعقبته حتى
هرب الى الدلتا في قبضة العثمانيين وعند مديرية البحيرة تم اعدادمه في ( 17 نيسان سنة
1517م) بعد ان استقبله السلطان سليم استقبالاً طيباً وحادثة محادثة طويلة في شؤون مصر
وادارتها واعجب بشجاعته وذكائه ويقال ان سليم اراد البقاء على حياته لولا الحاح خاير
بيك على اعدامه بحجة ان هناك مؤامرة يقصد بها انقاذه منت الاسر.
قام السلطان سليم
مصر الى اربعة وعشرين مديرية واصدر قراراً منها بتعيين (يونس باشا) والٍ عليها الا
انه قبل رحيله اصدر قراراً ثانياً بعزله وتعيين خاير بيك محلة وقد ضل محتفظاً بمنصبه
حتى موته سنة 1522 م وقد اصدر الوالي خاير بيك بأمر من السلطان السليم قراراً بالعفو
الشامل عن المماليك وتوزيع الرواتب عليهم وتولي بعضهم مناصب ادارية مهمة وذلك لخبرتهم
الطويلة ودرايتهم باحوال البلاد ولم تكون هذه السياسة جديدة على السلطان سليم فقد سبق
له الاعتماد على القوات المحلية في الشام بعد ان ضمن خضوع زعمائهم ولائهم للسيادة العثمانية
وجهة نظر السلطان سليم في ذلك مبنية على الاستفادة منن هذه الاسماء المحلية فيعن بالامور
المالية ، بعض الولايات البعيدة مثل مصر وجعلها عنصر موازنة بين الوالي وقائد الحامية
العسكرية ومنعاً لحدوث اي استنثار بالسلطة او حصرها في واحدة قد تجد في بعد مصر عن
استانبول ما يشجعها على اعلان مصر عن الدولة العثمانية.
وعلى هذا الاساس
وافق السلطان سليم اثناء اقامته بمصر على تعيين اربعين من امراء المماليك واسند اليهم
بعض الامور الادارية كما دخل بعضهم في عضوية ديوان باشا ت/ ( دوان محروسة مصر) وهذا
مجلس اداري يرأسه الوالي وقد تشكل في مصر في اعقاب الغزو العثماني في رؤساء الحامية
العسكرية ومن الكتخدا ( نائب الوالي ) والدفتر دار ( المسؤول عن الامور المالية) وامير
الحج وكانت مهمة الديوان في بداية الامور تنحصر في معاونة الوالي في شؤون الادارية
والحكم ثم تطوره بعد ذلك واصبحت تشمل منع الوالي من أساءت أستعمال سلطته عندما سقطت
دولة المماليك في يد العثمانيين كان من الطبيعي ان يتبع ذلك سقوط الحجاز وذلك لأن المماليك
كانوا اصحاب السيادة عليه وقد اعلن ( زين الدين بركات شريف مكة) ( 1497- 1525م) ولائه
للسلطان العثماني بعد أن وصله فرمان منح الامان وقد أرسل الشريف بركات وفده الى القاهرة
برئاسة ابنه الكبير ( ابو نمى ) ليقدم فروض الولاء في ( 3 تموز 1517 م) ويلقي بين يدي
السلطان سليم بمفاتيح الكعبة وبعض الآثار النبوية الشريفة اقراراً له بالسادة على الحجاز
وقد استقبل السلطان سليم ابي نمي بحفاوه بالغة واعطاء تفويضاً بحكم والده واعلن السلطان
سليم خادماً للحرمين الشريفين وقد ساعد هذا التفويض الشريف بركات في تقوية مركزه امام
خصومه في الشرافة وهكذا دخل الحجاز في نطاقة السيادة العثمانية دخولاً سليماً.
وقد احتفظ العثمانيين
بنظام الشرافة كما كان عليه ايام المماليك مع انشاء متصرفية في جده بأسم متصرفية الجيش
واوقفت الدولة اوقافاً كثيرة على الاماكن المقدسة وكان ايرادتها في خزانة مستقلة بالقصر
السلطان تعرف بـ ( حرمين دولابي). الاحتلال العثماني لليمن اما علاقة العثمانيين باليمن
فقد بدت واضحة بعد سقوط الدولة المملوكية ودخول السلطان سليم الأول الى القاهرة وقدم
من اليمن وفداً ليقدم فروض الطاعة والولاء للسلطان العثماني الذي وازدياد نفوذ الأمامية
الزيدية بين قبائل الجبال من جهة أخرى.
جعلت السيطرة العثمانية
في اليمن ضعيفة هذا بالاضافة الى الخطر البرتغالي الذي كن يهدد السواحل اليمنية مباشرة
لذلك فقد ارسل العثمانيون قوة عسكرية الى اليمن لم تستطيع اقرار الامن والدفاع عن السفن
الأسلامية التي كانت تتعرض لمدفعية البرتغاليين وذلك بسبب النزاع الذي نشب بين قائدهم
حسين الرومي متصرف جدة والريس سلمان أحد قادة العثمانيين ، ان موقع اليمن الى الجنوب
الغربي لشبه الجزيرة العربية له أهمة كبيرة في اقتناع العثمانيين بأن سيطرتهم المباشرة
عليه تجعلهم يضمنون سلامة الاماكن المقدسة في الحجاز والتحكم في البحرين الاحمر والعربي
وأمتلاك مواطئ قدم صالح للوثوب على الاسطول البرتغالي للمياه العذبة.
تعد حملة سليمان
باشا الارنا ووطي سنة 1538م أول حملة منظمة الى اليمن وكان من أهداف الحملة أن يحتل
العثمانيين ويسبقوا البرتغاليين في أحتلال عدن ثم غلق مظيق باب المندب في وجه الاساطيل
الأجنبية وفي 1539م بدأ والعثمانيين توطيد السيطرة مما ادى الى وقوع الصدام.
Post a Comment