شهدت العقود الأخيرة تواجداً على نطاق واسع للمرأة في أسواق العمل، حتى أضحى عملها سمة من سمات المجتمعات المعاصرة ، غير أن حجم تواجد المرأة في أسواق العمل ونوعيته يتوقف على طبيعة اقتصاديات الدول ودرجة تطورها ، كما أن مزاحمة المرأة للرجل في العديد من مجالات العمل قد أوجد بعض المعطيات التي تتطلب توفير شروط معينة لعمل المرأة نظراً لاختلاف طبيعتها عن الرجل ، وهذا ما حدا بالمنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية لوضع ضوابط معينة تكفل حماية المرأة وتوفير حد أدنى من الشروط الإنسانية التي يجب توفيرها حتى يمكنها التوفيق بين عملها ومسئولياتها الأسرية ، وقد كرس المشرع الوطني في العديد من الدول هذه المبادئ التي أرستها معايير العمل الدولية وذلك بمناسبة تنظيم عمل المرأة ، حتى أضحى في العديد من الدول تنظيماً متكاملاً يوفر للمرأة الحماية القانونية اللازمة التي تراعى طبيعتها الإنسانية والمسئوليات الأسرية التي تقوم بها في المجتمع .
على الرغم من إقرار مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة الذي كرسته معايير العمل الدولية والعربية في مجال العمل ، إلا أن هناك بعض الاعتبارات أدت إلى إفراد حماية قانونية خاصة للمرأة العاملة ، سواء في مجال التشغيل أو في تعزيز بعض الإجازات الخاصة للمرأة . ومرد ذلك أنه توجد بعض الحقوق الخاصة اللصيقة بالمرأة كونها أنثى تحمل وتنجب وتربي أولادها ، فضلاً عن تحملها ببعض الأعباء العائلية التي لا يمكن أن يقوم بها الرجل ،
الأمر الذي يتطلب تحقيق نوع من التوازن في الحقوق التي يتمتع بها كل منهما ، بالإضافة إلى أن المرأة تتمتع ببعض الصفات التي توجب عليها القيام ببعض الأعمال وعدم صلاحيتها للقيام بنوع آخر من الأعمال ، مما أوجد نوعاً من الاختلاف الطبيعي بينها وبين الرجل ، يتطلب إفراد حماية خاصة للمرأة سواء في معايير العمل الدولية والعربية أو على نطاق التشريعات الوطنية سواء في مجال التشغيل أو في مجال حماية الأمومة والطفولة .


نظراً للفوارق الطبيعية بين المرأة والرجل ، فقد أفردت معايير العمل الدولية والعربية مجموعة من الحقوق للمرأة العاملة سواء ما يتعلق بتأكيد المساواة بينها وبين الرجل في مجال التشغيل أو على صعيد المساواة في الأجور ، أو حظر تشغيلها في بعض المهن والصناعات التي تتناسب مع طبيعتها ، بالإضافة إلى حماية وظيفة المرأة من الفصل أو الإنهاء استناداً لظروف زواجها أو حملها أو وضعها . وقد كرست تشريعات العمل العربية هذه الحقوق المقررة للمرأة في معايير العمل الدولية والعربية ، ولذلك يتطلب إلقاء الضوء على الحماية القانونية للمرأة في معايير العمل الدولية والعربية وتشريعات العمل العربية في مجال التشغيل تناول حقها في المساواة مع الرجل في أحكام التشغيل ونفس الأجر المقرر للوظيفة ، وبيان المهن والأعمال المحظور تشغيل النساء فيها بصفة نهائية ، أو في فترات الليل ، وحماية وظيفة المرأة من الفصل بسبب الزواج أو الحمل أو الوضع فضلاً عن التعرف على مدى توافق قوانين العمل العربية مع معايير العمل الدولية والعربية في هذا الخصوص .

Post a Comment

أحدث أقدم