دور المكتبة في تحقيق أهداف برامج إعداد المعلم بكليات التربية:
  تعد مكتبة كلية التربية إحدى الخلايا الرئيسة لكلية التربية والتي تساندها على وضع أهدافها موضع التنفيذ، وذلك بما تسهم به المكتبة في تدعيم وتحقيق هدف الكلية الرئيس والمتمثل في توفير الإعداد الجيد والفعال والمتوازن الجوانب لطلابها، وتخريج معلمين على درجة عالية من الثقافة العلمية والمهنية ليكونوا قادرين على الإسهام في رقي وتطوير العمل التعليمي وتحسين العملية التعليمية في جوانبها المختلفة وبأقل الإمكانات الممكنة.
  ويمكن النظر للمكتبة باعتبارها مكونًا رئيسًا من مكونات برنامج إعداد المعلمين بكليات التربية، ولا يمكن أن يتم هذا الإعداد إلا في وجود مكتبة حديثة ومتطورة قادرة على تدعيم هذا الإعداد والإسهام الفعال في تحقيق أهدافه في جوانبه المختلفة الأكاديمية والثقافية والمهنية.
أ- دور المكتبة في تحقيق أهداف الإعداد الأكاديمي:
  لمكتبة كلية التربية دور كبير في الإسهام في تدعيم وتحقيق أهداف برنامج الإعداد في جانبه الأكاديمي (التخصصي) والذي يقصد به "تزويد الطالب بالمواد الدراسية التخصصية التي تعمق فهمه للمادة الدراسية التي سيتخصص  فيها في المستقبل، ومساعدته على السيطرة  والتمكن من مهاراتها والقدرة على توظيفها في المواقف التعليمية مما يجعله معلمًا واثقًا من نفسه ومكتسبًا القدرة على الإنتاج والتأثير التعليمي في تلاميذه"([1]). 
   وتسهم المكتبة بمصادرها التعليمية في تحقيق الهدف العام لذلك الإعداد عن طريق مساعدة الطلاب المعلمين على فهم أساسيات ومفاهيم وحقائق المادة الدراسية (أو المواد الدراسية) في محيط التخصص الدراسي (الأكاديمي)، وإكسابهم المعلومات والمعارف المتعلقة به، مما يساعد ذلك على زيادة مدى فهمهم ومدركاتهم العلمية.
    والمكتبة باعتبارها مركزًا للمعلومات والثقافة الأكاديمية بكلية التربية تقوم بتحقيق وتدعيم أهداف الإعداد الأكاديمي التخصصي عن طريق قيامها بالعديد من المهام والأدوار أهمها ([2]) :
-   تساعد الطالب على الاطلاع بما وراء حدود التخصص من مواد الثقافة العامة، وبما يكسبه سعة الأفق وزيادة إدراكه وتمكنه من ذلك التخصص.
-          تساعد الطالب على الاتصال المستمر بما يستجد في ميدان تخصصه، حتى يحتفظ بمكانته العلمية بين الدارسين.
-          تساعد الطالب على السيطرة على أساسيات المادة التي سيقوم بتدريسها في المستقبل وتجريب المستحدث في طرق تدريسها.
-          تساعد الطالب على الإلمام بالمادة الدراسية التخصصية بالشكل الذي يجعله مصدرًا مهمًا للمعلومات.
-          تكسبه القدرة على الربط بين تخصصه الأكاديمي وبين المواد الأخرى ذات العلاقة بذلك التخصص.
   وعلى هذا وفي ضوء التقدم العلمي السائد ينبغي أن تقوم كليات التربية بتطوير وتحديث مكتباتها؛ حتى تستطيع مساعدة طلابها – من المترددين عليها – على التعمق في دراستهم العلمية والإلمام بأحدث ما يطرأ على مجالات تخصصهم حتى يتحقق الهدف من الإعداد في هذا الجانب.
  ولابد أن يستقر في ذهن طالب كلية التربية أثناء إعداده أن ما يدرسه اليوم سوف يصبح متخلفًا بعد مدة معينة (يحددها سرعة التغير والتطور العلمي)، "ومن هنا تكمن أهمية المكتبة في تزويد الطلاب بالمهارات والاتجاهات التي تمكنهم من متابعة الجديد في تخصصهم سواء أثناء فترة إعدادهم بكلية التربية، أو بعد تخرجهم وعملهم كمعلمين"([3]).
ب- دور المكتبة في تحقيق أهداف الإعداد التربوي:
   يعد الإعداد التربوي لطلاب كليات التربية الميزة أو الخاصية الرئيسة التي تتميز بها كليات التربية عن باقي الكليات الأخرى، حيث يقع على عاتق هذه الكليات مسئولية إعداد طلابها تربويًا للقيام بمهنة التدريس، وذلك عن طريق قيامها بإكسابهم الثقافة التربوية وأسرار وأصول مهنة التدريس، كما تكسبهم الحقائق والمعلومات المتعلقة بهم وبشخصيتهم، وما يفرضه النمو والتطور من واجبات تربوية عليهم، كما تكسب طلابها أيضًا معرفة واسعة عن فلسفة التعليم، وأصول التربية، ومناهج التعليم المختلفة، وكيفية الاستخدام الفعال لطرق ووسائل التدريس، وأهداف العملية التعليمية وطبيعتها ومغزاها بالنسبة للفرد والمجتمع، وشروط التعلم الجيد ([4])، إلى غير ذلك من الأدوار والمسئوليات التي تقوم بها كليات التربية، والتي تساعد طلابها المعلمين على الممارسة الجيدة لمهنة التدريس.
"وحيث إن عملية الإعداد لأية مهنة تتطلب تخصصًا في مجال عملها والنشاطات المتعلقة بها، فإن هذا يتطلب فهم المعلم لعدد من الدراسات النظرية والتي تتعلق بفلسفة التعليم وأهدافه في المجتمع بعامة وفي المدرسة التي سيعمل بها بخاصة"([5]وتسهم المكتبة في تحقيق ذلك عن طريق اقتنائها لتلك الدراسات والمصادر  التربوية وأكسباها لطلابها المترددين عليها والمطلعين على مقتنياتها.
   ويمكن لمكتبة كلية التربية  الإسهام في تدعيم وتحقيق أهداف الإعداد التربوي عن طريق قيامها بالعديد من المهام أهمها ([6]):
-   مساعدة الطلاب على فهم حقيقة العملية التربوية وأهدافها وذلك بتزويدهم بقدر من المعرفة بالأصول والأسس التربوية (ثقافة تربوية).
-       إعطاء الفرصة للطلاب المعلمين لمراجعة ما تعلموه نظريًا والتوسع فيه بالاطلاع على المعلومات المتعلقة به.
-       تنمية الاتجاهات والكفاءات والقدرات والأساليب اللازمة للتعلم المثمر.
-       تزويد الطلاب بقيم أساسية وأخلاقيات ضرورية للعمل في مهنة التدريس.
-       تساعد المكتبة على تطويع الثقافة العامة والتخصصية لخدمة حاجات الطلاب ومواجهة ميولهم واستعداداتهم.
-       تكسب طلابها أسلوبًا ناقدًا فلسفيًا واجتماعيًا يساعد على تطوير النظرية التربوية.
وبصفة عامة يمكن القول إن مكتبة كلية التربية تسهم في إكساب طلابها المعلمين مجموعة من القدرات والتي تعد بمثابة متطلبات تربوية ومهنية عامة يجب توافرها في المعلم والتي تفرضها التحديات التربوية المعاصرة، وهي ([7]):
-       القدرة على أداء المهام التعليمية في ظل الأعداد المتزايدة والضخمة من التلاميذ في المدارس التي سيعمل بها المعلمون.
-       القدرة على أداء مهام الوظيفة التعليمية في ظل ضغوط العمل وتعدد أدوار المعلم.
-       القدرة على الإسهام الفعال في تطوير البرامج والمقررات الدراسية.
-   القدرة على تكوين المجتمع العلمي لدى الطلاب عن طريق إكسابهم الثقافة العلمية المناسبة والمواكبة مع تغيرات المجتمع ومستحدثاته.
-       القدرة على إرشاد وتوجيه الطلاب بأهمية المكتبة وكيفية استخدامها واستغلالها في العملية التعليمية.
-       القدرة على استغلال أوقات الفراغ في حل المشكلات الطلابية(التعليمية).
-       القدرة على إثراء المواقف التعليمية من خلال الوسائط والوسائل التعليمية الحديثة والمتعدد بالمكتبة.
-   القدرة على استخدام الطرق البديلة للتدريس للأعداد الكبيرة من التلاميذ (مثل التعليم الفردي والتعلم الذاتي) والتي تتم عن طريق الاستخدام المستقل لمصادر المكتبة.
ج- دور المكتبة في تحقيق أهداف الإعداد الثقافي:
   لمكتبة كلية التربية أهمية كبيرة لإسهامها في تدعيم وتحقيق الجانب الثقافي لبرنامج الإعداد بالكلية والذي يتمثل في” عملية إعداد الطالب بثقافة عصرية عريضة تمكنه من الوقوف على العناصر الثقافية والحضارية السائدة في مجتمعه المحلي والمجتمع العالمي” ([8]).
وعن طريق المكتبة يمكن للطالب أن يلم بقدر واسع من ميادين المعرفة والثقافة العامة مثل دراسة اللغة العربية، واللغة الأجنبية، والدراسات الاجتماعية والإنسانية، والعلوم الطبيعية، والتكنولوجية، والفنون الجميلة، إلى غير ذلك من ميادين المعرفة المختلفة.
وهذا الجانب يعد ضروري في برنامج الإعداد وشرطًا أساسيًا لمهنة التدريس حيث أصبح دور المعلم اليوم ليس فقط في نقل المعرفة من المقررات الدراسية إلى المتعلمين، وإنما أصبح المعلم مسئولاً عن العديد من الأدوار التي يجب أن يقوم بها والتي من أهمها: دوره كمصدر رئيس لثقافة طلابه (حتى وإن اختلفت مادة تخصصه)، وبالتالي فالمعلم لابد أن يكون على قدر كبير من الثقافة العامة في كافة المجالات (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية والعلمية، إلى غيرها من المجالات)، "فالثقافة ضرورية للمعلم لكسب ثقة تلاميذه، وبها يستطيع تقديم العون والإرشاد لهم، وتوجيههم نحو مصادر المعرفة من غير تعصب في الرأي، بل بذهن متفتح يقدر الفكر وحرية الرأي"([9])، ومن ثم حرية الطالب في اختيار ما يناسبه من المعلومات بما يسد حاجاته ويشبع رغباته العلمية والثقافية.
   وإذا كان للمكتبة أهمية كبيرة لجميع كليات الجامعة (بصفة عامة)، حيث تسهم في تدعيم وتحقيق أهداف الجامعة ووظائفها التعليمية، فإن لها أهمية خاصة لكلية التربية حيث لابد أن تكون طلابها ثقافيًا عن طريق إكسابهم الثقافة في المجالات المختلفة، وتمثل المكتبة المصدر الأساسي الذي تعتمد عليه الكلية في تحقيق أهدافها وأغراضها الثقافية فهي الوسيلة الرئيسة لتحقيق هذا الإعداد (عن طريق مقتنياتها ومصادرها الثقافية)، والذي يمثل بالنسبة للمعلم حجر الزاوية في عملية إعداده وعمله في المستقبل كمعلم.
   ولمكتبة كلية التربية أهمية خاصة لطلابها من جهتين:
الأولى: أن المكتبة تمثل مركز الثقافة بكلية التربية، وتردد الطلاب عليها يكسبهم عادة القراءة والاطلاع، كما يكسبهم مهارات استخدام المكتبة ومهارات التعلم الذاتي والمستقل، وهذا يساعدهم على الاستخدام الذاتي للمكتبة، واكتساب الثقافة بطريقة ذاتية ومستقلة،” ومن ثم يستطيع طلاب كلية التربية اكتساب الثقافة العامة في المجالات العلمية المختلفة عن طريق قيام المكتبة بإمدادهم بثقافة عصرية عريضة تمكن من ترسيخ التفكير العلمي لديهم، وتكسبهم قدرة على مواجهة تحديات المستقبل، والتكيف مع البيئة، وتحديد فلسفة واضحة للحياة” ([10]).
الثانية: إن طالب كلية التربية -سيكون بعد تخرجه وعمله كمعلم – مصدر الثقافة لتلاميذه في المدرسة، حيث يمثل المصدر الأساسي الذي يستمد منه التلميذ معلوماته وخبراته الثقافية والتي تمكنه من بناء شخصيته وتوظيف ما يفيده في حياته ليصبح جزءًا من كيانه الإنساني، هذا بالإضافة إلى قيام المعلم بدورة لتوسيع آفاق تلاميذه وغرس حب القراءة والاطلاع في نفوسهم، وإكسابهم مهارات استخدام المكتبة والتعلم الذاتي، وإكسابهم وعيًا بأهمية المكتبة والاستفادة منها، مما يولد لدى هؤلاء التلاميذ دافعية نحو استخدام المكتبة والتردد عليها بصفة مستمرة، تحت إشراف المعلم وتوجيهه وإرشادهم إلى مصادر الثقافة والمعرفة المختلفة بالمكتبة.
   ولا يستطيع المعلم أن يقوم بهذا الدور المهم إلا إذا كان هو نفسه قد تردد على المكتبة خلال فترة إعداده بكلية التربية، ولديه وعي بأهمية المكتبة ودورها المهام في العملية التعليمية، ومكتسبًا لمهارات استخدامها وطرق الاستفادة منها.


(1) محمد عبد الرؤوف عطية: الإعداد الثقافي لطلاب كلية التربية جامعة الأزهر في ضوء التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة الأزهر، 2002، ص 128.
(2) بيومي محمد الضحاوي: قضايا تربوية – مدخل إلى العلوم التربوية. القاهرة، مكتبة النهضة المصرية ودار الفكر العربي، ط2، 2000، ص 103.
(1) فاروق البوهي، محمد غازي بيومي: دراسات في إعداد المعلم. الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1998، ص 213.
(1) محمد عادل أحمد عفيفي: مرجع سابق، ص70.
(2) بيومي محمد الضحاوي: قضايا تربوية، مرجع سابق، ص 105.
(3) محمد عادل أحمد عفيفي: مرجع سابق، ص75
(1) إبراهيم عبد الرافع السمدوني: مرجع سابق، ص 141.
(2) على راشد: اختيار المعلم وإعداده، مرجع سابق، ص ص 40-42.
(1) سليمان عبد ربه محمد: تطوير كليات التربية في مصر في ضوء الاتجاهات المعاصرة – ورقة بحثية مقدمة إلى مؤتمر كليات التربية في الوطن العربي في عالم متغير. جامعة عين شمس، كلية التربية، 1993، ص ص325-371.
(1) محمد عبد الرؤوف عطية: مرجع سابق، ص 52، 53.

Post a Comment

أحدث أقدم