بلورت قوة المهام برنامجا تربويا، بنيويا وتنظيميا شاملا لجهاز التعليم، والذي يقوم يطرح أمام جهاز التعليم غايات تعليمية، اجتماعية وقيمية هامة، كما هو مفترض بأهم بنية اجتماعية-اقتصادية أن تكون وبما يتلائم مع طابع الدولة كدولةوديمقراطية.

يستند هذا البرنامج التنظيمي الشامل على مبادئ تربوية واجتماعية، وعلى مبادئ بنيوية وتنظيمية. تشل المبادئ التربوية والاجتماعية جوهر البرنامج، وتقوم على أساس المساواة والتعددية، على المبادئ مسؤولية والتزام جهاز التعليم تجاه كل واحد من طلابه، على التطلع الى الامتياز وعلى اعتبار التعليم عملية متواصلة ونوعية، بدءاً من رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الثانوية. وتشكل المبادئ البنيوية والتنظيمية للبرنامج ولتوصياته المختلفة، البنية التحتية وآليات تطبيق المبادئ التربوية والاجتماعية.

تكمن قوة البرنامج في عمقه، سعته، وفي التصور العام والشامل الذي يمثله، وفي استناده على موافقة قومية عريضة وعلى المكانة القانونية التي ستمنح له.

تعزيز التعليم الجماهيري
ثمة أهمية عليا لوجود جهاز تعليم جماهيري قوي ونوعي تحت مسؤولية الدولة، وخاصة لما ينطوي عليه الأمر من مناعة للتعليم. ويجب أن يكون لتعليم الجماهيري العامود الفقري لجهاز التعليم وضم أجزاء واسعة منه قدر الامكان.

يعمل التعليم الجماهيري من أجل تطبيق مبادئ التعليم المحددة في القانون، وعلى تنمية الطلاب بروح الشخصية البالغة المنبثقة من تلك الأهداف. يكون التعليم الجماهيري مفتوحا أمام جميع الطلاب، ويشكل مكانا التقاء لجميع أجزاء المجتمع، وبهذه الصفة فهو الاداة المركزية لتعزيز تماسك المجتمع من خلال تعزيز الهوية الشخصية والجماعية لجميع فئات السكان. لا يوجد أي بديل للتعليم الجماهيري في تطبيق بلورة عالم من القيم المشتركة للفئات المختلفة في المجتمع ، من خلال الحفاظ على التراث الخاص لكل مجموعة ورعايته.

في الدولة الديمقراطية الحديثة تكون مسؤولية التعليم مشتركة بين أهالي الطلاب والدولة. حيث يحق للأهل تربية أولادهم على تراثهم القومي، الديني واللغوي، ولا يحق للدولة الحيلولة دون ذلك. ويحق للدولة أن تفرض على الأهالي واجب منح التعليم لأولادهم في اطار المدرسة. كما يحق للدولة منح أولوية للتعليم الجماهيري، المشترك، الموّحَد والموّحِد. كما يجب على الدولة تأمين مستقبل الطلاب الذين يتعلمون ضمن المدارس الأهلية.

ترمي توصياتنا الى بلورة جهاز تعليم جماهيري "حاضن"، يضم أكبر قدر ممكن من أقسام جهاز التعليم على مختلف تياراته، من خلال خلق التمايز الواضح بين التعليم الجماهيري والتعليم الاخر. يتطلب الانضمام الى التعليم الجماهيري استيفاء معايير واضحة وشفافة وملزمة لجميع مؤسسات التعليم. يجب السماح والاعتراف بالتعليم المنفرد في حالة القومية واللغة المختلفتين، أو في حالة أسلوب حياة مختلف بشكل واضح.

يجب أن تكون مدارس التعليم الجماهيري مفتوحة أمام جميع الطلاب، عدم تصنيفهم، يمنع تسربهم، كما يمنع جباية رسوم من الأهالي مقابل التعليم، يتم تدريس المناهج التعليمية القطرية كاملة وتكون تحت رقابة الدولة التامة. المؤسسات التعليمية التي لا تلتزم بهذه الشروط يتم تقليص التمويل الممنوح لها بشكل ملحوظ، وتتم زيادة حجم التمويل كلما التزمت هذه المدارس بمتطلبات التعليم الجماهيري.

لقد سبق أن قبلت عليها المبدأ الليبرالي للتعددية في التعليم واعترفت، الى جانب التعليم الرسمي العام، بالتعليم الديني الرسمي المنفصل، التعليم الرسمي المنفصل باللغة العربية للطلاب العرب والدروز والشركس، وبمدارس مستقلة ومنفصلة للحريديم.

لكن الاعتراف بالأطر التعليمية المنفصلة للمجموعات المختلفة لم يرافقه حتى الان ترتيبات قانونية واضحة. رغم العوامل القهرية العديدة، نطالب بتعديل أساسي للوضع القائم. نعتقد بضرورة تعديل القانون المتعلق بمسارات التعليم المنفصلة للمجموعات المختلفة. نؤمن بضرورة التمسك بمبادئ الديمقراطية والتعددية وتأسيس جهاز التعليم الأهلي على معايير متساوية وكونية، من خلال تفضيل التعليم الجماهيري القادر على بناء الأسس المتشركة لمختلف المجموعات السكانية، حتى عندما تختار بعض الفئات إقامة جهاز تعليمي منفصل.

يقوم جوهر الأسس المشتركة على منح الفرص المتساوية للتعليم، والضرورية لتحقيق قدرة كل إنسان للعيش بكرامة في العالم الاقتصادي الحديث. كما تتيح الأسس المشتركة لمواطني الدولة المشاركة بشكل فاعل في الحياة الجماهيرية بواسطة التعرف على قوانين اللعبة الديمقراطية وتذويت معنى الحياة في دولة ديمقراطية يهودية. تتضمن الأسس المشتركة، برنامجا قيميا، الذي يعبر عن التوافق الأساسي، المشتق من كون إسرائيل دولة ديمقراطية، وبرامج انسانية كونية، مثل حقوق الانسان، المواطنة الفعّالة، حق في التعبير الذاتي عن المواقف وعن أساليب الحياة. ان الاعتراف المتبادل وتقليص أسوار الجهل والريبة، بهدف التعرف على المختلف وتعلم احترامه رغم كونه كذلك، يتيحان امكانية تقليص التوترات وامكانية الحوار بين الفئات المختلفة.

إن الالية الأساسية لخلق الأسس المشتركة لجميع الوافدين عبر بوابة التعليم الجماهيري هو منهاج التعليم القطري الكامل، الذي يتم تدريسه في جميع مدارس التعليم الجماهيري. بالاضافة الي المضامين الخاصة لكل مجموعة ولكل مدرسة، التي تكمل الأسس المشتركة والمتينة للتعليم الجماهيري.

Post a Comment

Previous Post Next Post