إنسانية العقوبة الجنائية
     يقصد بإنسانية العقوبة الجنائية Peine humanitaire  ، ألا يكون للعقوبة أثر سالب لكرامة الإنسان. فليس لكون الفرد قد هوى في طريق الجريمة أن يعاقب ويعامل بما يهدر كرامته وأدميته. وعلى هذا أكدت المادة الخامسة من الإعلان العالم ي لحقوق الإنسان حينما نصت على أنه "لا يجوز إخضاع شخص للتعذيب أو لعقوبات قاسية أو غير إنسانية أو حاطه بالكرامة". وإلى هذا أشار المشرع الدستوري المصري في عام 1971 في المادة 42 بقوله "كل مواطن.يحبس تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً. كما لا يجوز حبسه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون". وهذا أيضا ما رددته المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية حين نصت على أنه "لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً". وإلى هذا استجاب المشرع المصري مؤخراً بإلغائه للمادة 43/7 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 التي كانت تنص على الجلد كعقوبة تأديبية توقع على السجون[1].
أقسام العقوبة الجنائية

     للعقوبة الجنائية أقسام خمسة متنوعة ، فيمكن تقسيم العقوبات حسب جسامتها إلى عقوبات جنايات وعقوبات للجنح وعقوبات للمخالفات ، وهو ما يعرف بالتقسيم الثلاثي للجرائم والعقوبات[2] ، ويمكن تقسيمها حسب الحقوق التي تمس بها - أي من حيث محلها - إلى عقوبات بدنية وأخرى ماسة بالحرية وأخرى سالبة للحقوق أو ماسة بالشرف والاعتبار ، ويمكن تقسيمها حسب مدتها إلى عقوبات مؤبدة وأخرى مؤقتة ، ويمكن تقسيمها - وفق ما أخذ به التشريع المصري - حسب أصالتها أو تبعيتها ، إلى عقوبات أصلية وأخرى تبعية وتكميلية ، وأخيراً يمكن تقسيمها حسب مصدرها إلى عقوبات وضعية وأخرى شرعية. وهذه الأقسام سوف نتناولها بالتفصيل في المطالب التالية.


[1] راجع القانون رقم 152 لسنة 2001 ، الجريدة الرسمية ، ع2 ، 10 يناير 2002. والمادة قبل إلغائها كانت تنص على "جلد المسجون بما لا يزيد على 36 جلدة ، فإن كان عمر المسجون أقل من سبع عشرة سنة استبدل بالجلد الضرب بعصا رفيعة بما لا يجاوز عشرة عصي وتبين اللائحة الداخلية وصف الأداة التي تستعمل في الضرب". وكانت المادة 81 من قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 تنص على أن "يستعمل في الجلد أداة عبارة عن يد مخروطة من الشوم طولها 48 سم وقطرها بوصة ، مركب بأحد طرفيها قطعة من سير جلد متصلة بحبل كتان مجدول بطول 25 سم ، والباقي عبارة عن سبعة أفرع بكل فرع ست عقد طولها 50 سم وسمكها 6ملم. وتنفذ عقوبة الجلد بالضرب بهذه الأداة بأعلى الظهر". وكانت هذه العقوبة التأديبية مقررة في حالتي الاعتداء على الموظفين المنوط بهم حفظ النظام في السجن أو التمرد الجماعي وما إلى ذلك من حالات الضرورة التي يقررها وزير الداخلية. راجع حول موقف التشريعات المقارنة من الجلد كعقوبة تأديبية ، د. غنام محمد غنام ، المرجع السابق ، ص57 وما بعدها.
[2] ووفق هذا التقسيم فإن جسامة العقوبة هى التي تدل على نوع الجريمة ، وهو أمر منتقد لكون العقوبة اثر للجريمة ولاحقة على وقوعها.

Post a Comment

أحدث أقدم