أمراض ومشاكل الشيخوخة:
لقد قال عز من قائل "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعف وشيبة"([1])
تدل هذه الآية الكريمة على مراحل العمر المختلفة والتي تشير بوضوح إلى أن الإنسان إذا ما طال به العمر سوف يعود إلى ضعفه ووهنه وذلك لعدم مقاومة الجسم والحواس للعديد من العوامل والتي منها:

1- المشكلات الصحية:
     المرتبطة بالضعف الصحي العام والضعف الجسمي وضعف الحواس كالسمع والبصر وضعف القوة العضلية وانحناء الظهر وجفاف الجلد وترهله والإمساك وتصلب الشرايين والتعرض بدرجة أكبر للإصابة بالمرض وعدم مقاومة الجسم.

2- المشكلات العاطفية والشعور بالعزلة والوحدة النفسية:
     لا شك أن كثير من المسنين يعانون من وحدتهم وترك الأبناء لهم لانشغالهم بأنفسهم وعائلاتهم وأعمالهم وربما يمر بعض المسنين بفراق الزوج أو الزوجة مما يترك فراغ عاطفي ووحدة لم يألفها من قبل مما يشعره بقرب الأجل وتخلي الأحبة من الأبناء والبنات والأصدقاء عنهم وربما ترك بعض المسنين للخدم والخادمات بعاداتهم الغريبة على المسنين في مجتمعنا الخليجي مما يعرض المسن أو المسنة للانطواء والعزلة والدخول في دوامة التفكير والوساوس والانشغال بالذات، والاضطرابات النفسية.


3- مشكلة التقاعد وضعف الدخل المالي أو حتى عدمه لدى بعض المسنين:
     لا شك أن كثير من الرجال أو النساء العاملين عندما يحين وقت تقاعدهم يصاحب ذلك زيادة الفراغ ونقص الدخل مما يزيد القلق والخوف على مستقبله خاصة لمن ليس لديهم دخول جيدة ولديهم التزامات عائلية مما يؤدي إلى القلق والاكتئاب والانهيار العصبي عند البعض كما أن كثير من المتقاعدين تتغير أوضاعه بفقده وظيفته خاصة ممن كان له موقع ومكانة جيدة في المجتمع حيث يشعر بتخلي الآخرين عنه خاصة إذا لم يتهيأ لهذا التغيير والبعض الآخر من المسنين ليس لديه دخل أصلاً مما يجعله عالة على الآخرين.

4- اضطراب العلاقات الاجتماعية والتطرق في فقد الآخرين:
     بعض المسنين تضعف علاقاته الاجتماعية بينه وبين أصدقاءه المسنين من أمثاله خاصة عندما يقلون من حوله ممن هم في سنه بالموت أو البعد مما يخلف لدى المسن حالة من الأنانية ونقد الآخرين خاصة للأحفاد وصغار السن مما يخلق فارق في التفكير والتباين في العواطف والبعد في المشاعر.


حاجة المسنين لخدمات صحية خاصة:
تظهر المؤشرات الإحصائية السكانية تزايد أعداد المسنين وإن كانت هذه الأعداد تختلف من موقع إلى آخر ففي بعض الدول مثل اليابان وسنغافورة والدول الغربية بدأ الهرم السكاني يختل وذلك بتضخم قمة الهرم ووسطه سنة بعد أخرى حتى سمعنا أن سنغافورة سنت تشريعاً مؤخراً بإعطاء مكافأة لمن ينجب أطفالاً للمحافظة على التوازن السكاني فيها.. نجد أن مشكلة المسنين في دول الخليج ليست كبيرة أو مخيفة في الوقت الحالي ولكنها قادمة بلا شك خاصة في ضوء تزايد المسنين وقلة المواليد بانخفاض الخصوبة لدى المجتمع الخليجي، وارتفاع معدل توقع الحياة وزيادة العمر بإذن الله ثم بسبب تطور الخدمات الصحية المقدمة للمجتمع بما فيهم المسنين.

ولهذه الأسباب هب العالم لتدارس وضع المسنين وعمل البرامج الخاصة بصحتهم خاصة الدول المتقدمة ومن ذلك البرنامج العالمي لمنظمة الصحة العالمية من أجل صحة المسنين والذي بدأ باجتماع لجنة خبراء تخطيط خدمات الشيوخ وتنظيمها في عام 1973م وقد جرى الإعلان عن هذا البرنامج في التقرير الذي قدمه المدير العام عن السنتين 82-1983م وفي عام 82م تبنت المنظمة شعار (أضف حياة إلى سنوات العمر)([2]) وهبت في الدول المتقدمة الجمعيات المتخصصة ودور البحوث بالبحث عن حلول لمشكلة المسنين الصحية والاجتماعية والاقتصادية وظهر ما يسمى علم الشيخوخة وذلك إثر إنشاء مؤسسات لذلك العلم في عدد من الدول الغربية وعقد أول مؤتمر دولي عن الشيخوخة في بلجيكا والذي كان من أبرز آثاره تأسيس الجمعية الدولية للشيخوخة حيث تعقد مؤتمرات دولية حول الشيخوخة كل ثلاث سنوات ثم تم تخصيص عام 1982م سنة دولية للمسنين بدعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك لتركيز الجهد من أجل بحث قضايا المسنين ومناقشتها ومعالجة مشاكلهم وزيادة الاهتمام برعايتهم وفي شهر يوليو عام 1996م نظمت البرازيل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية اجتماع دولي للمسنين عقد في مدينة برازيليا، وذلك لوضع برنامج عمل الشيخوخة وقد حضر هذا الاجتماع ممثلون عن إحدى وعشرون دولة بالإضافة إلى عدد كبير من الخبراء والمختصين وانتهوا إلى قرار ما يسمى (إعلان برازيليا عن الشيخوخة) وأخيراً قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتكرار تجربة تخصيص عاماً للمسنين وحددته بعام 1999م تحت شعار "نحو مجتمع لكل الأعمار"([3]).


[1] سورة الروم الآية رقم (54).
[2] صحة المسنين سلسلة التقارير التقنية رقم (779) صفحة 7
[3] رعاية المسنين في المملكة العربية السعودية دراسة تاريخية وثائقية د. عبد الله ناصر السدحان (صفحة 37-39 و 147).

Post a Comment

Previous Post Next Post