نواحي القصور في البيانات المالية([1]).
تعد البيانات المالية المنشورة في ظل مجموعة من الفروض ، والمبادئ المحاسبية التي تؤثر في طبيعة هذه البيانات، وتحد بالتالي من استخداماتها في اتخاذ القرارات ، ويمكن حصر نواحي القصور الرئيسية فيما يلي:
1- الطبيعة التحكمية لعملية القياس المحاسبي، ذلك على اعتبار أن الأرقام التي تحويها البيانات المحاسبية المنشورة هي في النهاية محصلة لعمليات قياس تخضع مخرجاتها إلى حد كبير لتأثير نوع وطبيعة الأسس التي تتبعها المؤسسة بشأن الاعتراف بكل من الإيرادات والتكاليف، وكذلك لنوع الطرق والسياسات المحاسبية المتبعة في قياسهما، وكذلك درجة تحفظ السياسات التي تتبناها إدارة المؤسسة في مجال تكوين المخصصات و الاحتياطات.
2- كما تعد البيانات المحاسبية المنشورة بموجب مجموعة من المبادئ والافتراضات أو الفروض مثلا فرض القياس النقدي وفرض ثبات وحدة النقد، ومبدأ التكلفة التاريخية ، وفرض استمرارية المشروع.
وتترك هذه الفروض بصمات واضحة على طبيعة المعلومات التي تظهرها البيانات المحاسبية المنشورة فتحد من استخداماتها في اتخاذ القرارات ، فهي تاريخية بطبيعتها في حين يفضل متخذ القرار البيانات المستقبلية التي توفر له معلومات عن اتجاهات نشاط المشروع.
كما أن التمسك بفرض ثبات وحدة النقد وبمبدأ التكلفة التاريخية يجعل البيانات المالية المنشورة في فترات تسودها معدلات مرتفعة للتضخم تبدو مضللة وغير صالحة للتحليل المالي خصوصا في الحالات التي تكون فيها الفترة الزمنية مجال المقارنة طويل نسبيا ، زد على ذلك فرض الاستمرارية لا تعتمد صحته في جميع الظروف، فيصبح مجالا للشك وبالتالي يفقد تلك البيانات أهم ركيزة لها.
3- من جانب آخر فالبيانات المالية المنشورة ذات طبيعة كمية ومع أن البيانات الكمية عنصر هام من مدخلات القرار ، إلا أن البيانات الوصفية خاصة في مجال التحليل المالي لأغراض الائتمان لا تقل أهمية إن لم تزد عنها في كثير من الأحوال.
من هنا على رجل الأعمال لكي ينجح في اتخاذ قراره أن يسعى لاستكمال الجانب الوصفي من مدخلات القرار من مصادر أخرى للمعلومات، غير البيانات المالية المنشورة، وذلك مثل دراسات السوق ، الاستشارات أو الاتصالات المباشرة.
التحليل المالي للبيانات المالية.
سنحاول من خلال هذا المبحث التعرض إلى كيفية التحليل المالي للبيانات المالية المتمثلة أساسا في الميزانية المحاسبية وجدول حسابات النتائج بالإضافة إلى أهم النسب المالية المستخدمة في التحليل المالي
المطلب الأول : التحليل المالي للميزانية .
1- الانتقال من الميزانية المحاسبية إلى الميزانية المالية:
إن الميزانية المحاسبية بشكلها الذي رأيناه مسبقا، لا تستجيب لمتطلبات التحليل الجيد للوضعية المالية للمؤسسة وإن كانت تستجيب لأهداف محاسبية كتحديد النتيجة وقانونية كمعرفة ذمة المؤسسة وحقوقها لدى الغير واقتصادية كمعرفة الاعتبارات التي توليها المؤسسة اهتماما من أجل الحصول على الإيرادات ، إضافة  إلى كونها ساكنة حيث تعبر عن الوضعية المالية للمؤسسة في تاريخ محدد ، لذلك من أجل جعلها أكثر ديناميكية تستجيب للأهداف المالية ينبغي إعادة صياغتها على شكل آخر يسمى بالميزانية المالية، ويعتمد الانتقال من الميزانية المحاسبية إلى الميزانية المالية على مبدأين هما:
- درجة سيولة الأصول.
- درجة استحقاقية الخصوم.
1-1 تعديل عناصر الأصول ([2]):
إلى جانب مبدأ السيولة الذي يستعمل في الفصل بين الأصول يوجد مبدأ آخر وهو مبدأ السنوية كمقياس أساسي لتحديد العناصر التي تبقى في المؤسسة لأكثر من سنة (تدخل في أكثر من دورة استغلال)، والعناصر التي تتحرك وتتحول خلال السنة (دورة الاستغلال) فقط، وحسب هذين المبدأين يتم فصل عناصر الأصول إلى قسمين هما :
- قسم أعلى الميزانية (الأصول الثابتة).
- قسم أسفل الميزانية (الأصول المتداولة).
1-1-1 قسم أعلى الميزانية (الأصول الثابتة): وهي العناصر التي تبقى في المؤسسة أكثر من سنة، وتحتوي على قسمين أساسيين هما: الاستثمارات ، والقيم الثابتة لأكثر من سنة ، وفي كلا القسمين يتم ترتيب العناصر حسب درجة السيولة المتزايدة ، حيث تكون للقيم المالية والمعنوية مدة أطول في قيمة الميزانية، تليها القيم الثابتة الأخرى وهي:
أ- مخزون الأمان : وهو المخزون الأدنى الذي يضمن للمؤسسة الاستمرار في نشاطها العادي ويبقى هذا المخزون في المؤسسة على مدى عدة سنوات ويكون جزء من البضاعة أو المواد الأولية أو المنتوجات التامة أو النصف المصنعة.
ب- سندات المساهمة :وهي السندات التي تساهم بها المؤسسة في تكوين رأس مال مؤسسة أخرى ، فإنه يبقى لدى الغير لمدة تفوق السنة ، وهو بمثابة استثمار مالي، تجني من خلاله المؤسسة أرباحا.
ج- الكفالة المدفوعة :يعتبر هذا العنصر من القيم التي تدفعها المؤسسة إلى المصالح المعنية وتبقى لديها لمدة تفوق السنة كضمانات.
وتجدر الإشارة إلى أن سندات المساهمة والكفالات المدفوعة تضم إلى القيم الثابتة في الحالة العادية، إلا إذا كان هناك مؤشر يخالف ذلك، أما المصاريف الإعدادية تعتبر كأعباء وليس كموجودات مادية أو معنوية لديها قيمة وهمية لهذا لا تظهر أصلا في الميزانية المالية، وتطرح في الجهة المقابلة من الأموال الخاصة، ونفس الشيء بالنسبة لمصاريف البحث والتطوير.
1-1-2 قسم أسفل الميزانية (الأصول المتداولة): وهي العناصر التي تتغير خلال دورة استغلال واحدة وهي تخضع في ترتيبها إلى مبدأ السيولة دائما وتتمثل فيما يلي :
أ- قيم الاستغلال :  هي عبارة عن مخزونات وتأخذ أول مركز للأصول المتداولة نظرا للمدة التي تستغرقها للوصول إلى السيولة ، وهي تزيد عن مدة الحقوق التي تأتي بعدها.
ب- القيم القابلة للتحقيق :وتشمل جميع حقوق المؤسسة لدى الغير مثل: الزبائن، سندات المساهمة، تسبيقات للغير ولا تتجاوز مدتها السنة بالترتيب التنازلي.
ج- القيم الجاهزة: عبارة عن قيم على شكل سيولة لدى المؤسسة وهي البنك والصندوق والحسابات البريدية الجارية.
1-2 تعديل عناصر الخصوم([3]):
بالإضافة إلى مبدأ الاستحقاقية لترتيب الخصوم نستعمل كذلك مبدأ السنوية حيث نحصل على مجموعتين أساسيتين وهما الأموال الدائمة ، وهي كل الموارد التي تبقى تحت تصرف المؤسسة لأكثر من سنة مهما كان مصدرها وهي تقابل مجموع القيم الثابتة في الأصول والمجموعة الثانية هي العناصر الباقية من الموارد والتي مدتها لا تتجاوز السنة الواحدة.
1-2-1 الأموال الدائمة :ترتب حسب مدة الاستحقاق، الجزء الأول وهو مجموع العناصر التي تمثل الملكية الخاصة للمؤسسة كرأس المال الجماعي والشخصي، بالإضافة إلى الاحتياطات، النتائج قيد التخصيص، والمؤونات غير المدفوعة بعد طرح نسبة الضريبة منها، أما الجزء الثاني فهو مجموعة الديون الطويلة والمتوسطة الأجل والتي تفوق مدة استحقاقها السنة الواحدة، كحسابات الشركاء وديون الاستثمار.
- المؤونات على الأعباء والخسائر : إن هذه المؤونات حددت بشكل تقديري لتغطية خسائر يحتمل وقوعها وعند نهاية السنة المالية، تحدد لنا ثلاثة حالات.
أ- الخسائر التي وقعت فعلا: إذا تحققت خسائر فإن المؤسسة سوف تتحمل العبء في نفس السنة وبالتالي سوف تدفع قيمة الخسارة، أو العبء في حدود لا تزيد عن السنة، إذن تغير هذه القيمة هو دين على المؤسسة لمدة قصيرة.
ب- الخسائر التي يمكن وقوعها مستقبلا: قيمة الخسائر سوف تدفعها المؤسسة عند  حدوثها أي بعد مدة زمنية معينة أكبر من السنة ، لذا تعتبر دين طويل الأجل على المؤسسة.
ج- حالة عدم وقوع أو حدوث خسارة: في هذه الحالة المؤونة المخصصة سوف لن يكون لها أي معنى أو هدف مبرر لذا فإنها سوف تعود إلى أصلها وهي ربح إجمالي قبل الضريبة، إذن فالمؤسسة مطالبة بدفع ضريبة على المؤونة غير المبررة، وتكون النسبة غالبا نفس نسبة الضريبة على الأرباح ، والجزء المتبقى بعد الضريبة يضم إلى نتائج قيد التخصيص، أو للاحتياطات.
- ديون الاستثمارات :غالبا ما تدفع ديون الاستثمارات في شكل أقساط سنوية نظرا لطبيعة حجمها، وهذا الحساب يبقى عموما لمدة تزيد عن السنة ، وفي كل سنة يطرح منه القسط الذي تم تسديده وبالتالي نضمها إلى الديون قصيرة الأجل ، وتكون مرتبطة بدورة الاستغلال وتعبر عن الخصوم المتداولة.
1-2-2 الديون قصيرة الأجل:
وهي القسم الثاني من الموارد وتشمل مجموعة الديون التي تستفيد  منها المؤسسة لمدة تزيد عن السنة وتشمل الموردون أوراق الدفع، التسبيقات والنتيجة الموزعة على العمال و الشركاء ذات مدة قصيرة وغيرها من العناصر
1-2-3 نتيجة الدورة:
توزع النتيجة حسب السياسة المتبعة في المؤسسة بشأن توزيع النتائج ، وإن لم تقم المؤسسة بتوزيعها ، يتم ضمها إلى حساب نتائج قيد التخصيص وتعبر في تلك الفترة عن موارد المؤسسة لكن قبل تحويل النتيجة إلى الأموال الخاصة (نتائج قيد التخصيص) فإنها تخضع إلى الضرائب على الأرباح وبالتالي يقطع منها مبلغ الضريبة الذي يسدد خلال الأشهر القادمة وتضم إلى الديون قصيرة الأجل إذا كانت هناك نسبة توزع على عمال المؤسسة والمساهمين من النتيجة فعند توزيعها يضم هذا المبلغ إلى الديون قصيرة الأجل أما الباقي من النتيجة يحول إلى احتياطات المؤسسة ويصبح ملكها، أما في حالة الخسارة تضم إلى الأموال الخاصة بالسالب إلى حساب نتائج قيد التخصيص.
وفيما يلي الجدول رقم (3) يمثل، الانتقال من الميزانية المحاسبية إلى الميزانية المالية
الجدول رقم (3) الانتقال من الميزانية المحاسبية إلى الميزانية المالية.
الأصول
الانتقال من الميزانية المحاسبية إلى الميزانية المالية
الخصوم
2- الاستثمارات


3- المخزونات
4- الحقوق
القيم الثابتة
الأصول الثابتة
الأموال الدائمة
الأموال الخاصة
1- الأموال الخاصة


5- الديون
قيم الاستغلال
الأصول المتداولة
ديون طويلة ومتوسطة الأجل
قيم محققة
ديون قصيرة الأجل
ديون قصيرة الأجل
القيم المتاحة
المصدر: ناصر دادي عدون، تقنيات مراقبة التسيير ، التحليل المالي الجزء الأول ICMالجزائر 1990، ص29.
1-3 الشكل العام والمختصر للميزانية المالية:
1-3-1 الشكل العام للميزانية المالية :
الجدول رقم (4) :الشكل العام للميزانية المالية.
الأصول 
المبالغ
الخصوم
المبالغ
- الأصول الثابتة
- القيم الثابتة (الاستثمارات ما عدا المصاريف الإعدادية)
- القيم الثابتة الأخرى
- سندات المساهمة
- كفالات مدفوعة
- مخزون العمل

- الأموال الدائمة
- الأموال الخاصة
- أموال جماعية
- احتياطات
- فرق إعادة التقدير
- ديون طويلة ومتوسطة الأجل.
- ديون الاستثمار

مجموع الأصول الثابتة

مجموع الأموال الدائمة

- الأصول المتداولة
- قيم الاستغلال (المخزونات)
- قيم قابلة للتحقيق
- قيم جاهزة (متاحات)

- الأموال المتداولة
- ديون قصيرة الجل ( ديون الاستغلال ديون الخزينة....)

مجموع الأصول

مجموع الخصوم

المصدر : ناصر دادي عدون، تقنيات مراقبة التسيير التحليل المالي ، الجزء الأول  ICM، الجزائر 1990، ص38
1-3-2 الشكل المختصر للميزانية المالية :
الجدول رقم (5) : الشكل المختصر للميزانية المالية
الأصول
المبالغ
الخصوم
المبالغ
الأصول الثابتة
قيم الاستغلال
قيم قابلة للتحقيق
قيم جاهزة (متاحات)

الأموال الخاصة
ديون طويلة الأجل
ديون قصيرة الأجل

مجموع الأصول

مجموع الخصوم

المصدر ناصر دادي عدون، تقنيات مراقبة التسيير التحليل المالي ، الجزء الأول  ICM، الجزائر 1990، ص40.
1-  التحليل بطريقة التوازنات المالية:
بعد أن تمت التعديلات على الميزانية المحاسبية وأصبحت قابلة للدراسة المالية نقوم الآن بدراسة التوازن المالي للمؤسسة باستعمال مؤشرات التوازن المالي التي تعالج وتحلل الميزانية وتتمثل هذه المؤشرات فيما يلي:
- رأس المال العامل (Le fonds de roulement : FR)
- احتياجات رأس المال العامل (Le besoin en fonds de roulement : BFR)
- الخزينة (Le trésorerie : TR )
يعتبر تحليل المركز المالي قصير الأجل من الوظائف المهمة للتحليل المالي حيث يسلط الضوء على ذلك الجانب من نشاط المؤسسة المتعلق برأس المال العامل وصافي رأس المال العامل وإجمالي رأس المال العامل والمتصل بالتغيرات في الأصول المتداولة والخصوم المتداولة (ديون قصيرة الأجل) وعلاقة ذلك بمصادر تمويل الأصول ومكونات كل منهما ودوره في توفير السيولة النقدية للمؤسسة([4]).
إن دراسة وتحليل المركز المالي قصير الجل إنما تمثل دراسة وتحليل رأس المال العامل ، وكيفية احتسابه و استخلاص المؤشرات المرتبطة به ، كما أن تحليل المركز المالي قصير الأجل يرتبط بالتمويل قصير الأجل وكيفية قيام المؤسسة بتوفير مصادر الأموال التي تمكنها من توفير السيولة النقدية الضرورية لمواجهة التزاماتها المتداولة قصيرة الأجل([5]).


[1] - محمد مطر، مرجع سبق ذكره، ص13-14.
[2] - ناصر دادي عدون، تقنيات مراقبة التسيير، التحليل المالي-ICM، الجزائر 1990، ص29-30.
[3] - ناصر دادي عدون، مرجع سبق ذكره، ص31-33.
[4] - منير شاكر محمد، مرجع سبق ذكره، ص 111.
[5] - منير شاكر محمد، مرجع سبق ذكره، ص112.

Post a Comment

Previous Post Next Post