قاعدة التوازن المالي الأدنى:
- إن الإدارة المالية في أي مؤسسة تسعى إلى تحقيق التوازن المالي بصفة مستمرة، حتى تتمكن من مواجهة التزاماتها من جهة وتمويل استثماراتها ودورة الاستغلال بدون مشاكل تذكر من جهة أخرى .
- تحقيق التوازن المالي يتم بمقابلة سيولة الأصول واستحقاقية الخصوم ، بحث يتحقق التوازن انطلاقا من الأصول الثابتة التي تساهم طيلة مدة حياتها في خلق موارد يمكن للمؤسسة الحصول عليها مستقبلا، لذا فإن تمويلها يتم بأموال تسدد على فترات تتناسب مع مدة حياتها، والمتمثلة في الأموال الدائمة، فالتوازن المالي هو مقابلة الأصول التي مدة تحولها إلى سيولة أكثر من سنة ، بالخصوم التي مدة استحقاقها تفوق السنة، ونفس الشيء بالنسبة للأصول التي مدة تحولها إلى سيولة أقل من سنة ، والتي نقابلها بالخصوم التي مدة استحقاقها أقل من سنة.
- وإذا كان التوازن من أعلى الميزانية سهل التحقيق ، لكون الوقت في صالح المؤسسة لتحويل الأصول إلى سيولة من أجل مقابلة الاستحقاقية في الخصوم، فإن التوازن في أسفل الميزانية صعب التحقيق لأن الوقت ليس في صالح المؤسسة ، بل يستحيل أحيانا تحقيق التوازن، بسبب الاختلالات والتذبذبات الحاصلة في دورة الاستغلال وذلك بسبب التغيرات التي تحدث في عناصر الأصول المتداولة مثل : - تدني أسعار المخزون.
                - عدم إمكانية تحصيل بعض المدينين.
                - انخفاض أسعار الأوراق المالية .
                - عدم تحصيل بعض أوراق القبض.
إذن هناك تفاوت بين مدة دوران الأصول المتداولة وتحولها إلى سيولة من جهة، وبين استحقاقية الخصوم المتداولة (الديون قصيرة الأجل) من جهة أخرى، مما يؤدي إلى إحداث اضطرابات في تسديد مستحقات المؤسسة في الوقت المناسب لذلك، ولتجاوز هذه الصعوبات ، تقوم المؤسسة بتخصيص جزء من أموالها الدائمة كهامش أمان لتمويل ومواجهة اختلالات دورة الاستغلال، ويتمثل في فائض الأصول المتداولة عن الخصوم المتداولة، وهذا الهامش يدعى رأس المال العامل الصافي.
رأس المال العامل:
- يمثل رأس المال العامل مجموع الأموال المستثمرة في الأصول المتداولة([1]).
- رأس المال العامل هو جزء من الأموال الدائمة المخصص لتمويل جزء من الأصول المتداولة ، وذلك لمواجهة تذبذبات دورة الاستغلال، وهو عبارة عن هامش أمان([2]).
- أما صافي رأس المال العامل فيعني الأصول المتداولة ناقص الخصوم المتداولة (الديون قصيرة الأجل) ولذلك فإن تحديد صافي رأس المال العامل ينبغي له الاهتمام بالعناصر المكونة لكل من هاذين الجانبين، ومكونات كل منها وطبيعته وقدرته على التحول السريع إلى نقدية، كما أنه يأخذ بالاعتبار جميع السياسات التي تتبعها المؤسسة في سياسة المدينون، والديون المشكوك في تحصيلها، والمبيعات النقدية والآجلة ، والمشتريات النقدية والآجلة وسياسة التحصيل وسياسة الاحتفاظ بالمخزون، وغيرها من السياسات المؤثرة في تكوين عناصر الأصول المتداولة والخصوم المتداولة([3]).
- هناك طريقتان لحساب رأس المال الصافي ، الأولى من أعلى الميزانية ويساوي في هذه الحالة (الأموال الدائمة- الأصول الثابت)، والشكل التالي يوضح ذلك
Source : ELIE COHEN, ANALYSE FINANCIERE, 3EME EDITION, ECONOMICA, PARIS 1994, P144.
- أما الطريقة الثانية فهي من أسفل الميزانية ويساوي في هذه الحالة (الأصول المتداولة- الديون قصيرة الأجل)، والشكل التالي يوضح ذلك



Source : ELIE COHEN, ANALYSE FINANCIERE, 3EME EDITION, ECONOMICA, PARIS 1994, P144.
- إن التقييم العلوي لرأس المال العامل أفضل من نظيره السفلي كونه يعطينا تفسيرات عن تغيرات رأس المال العامل عكس الجهة السفلية فدورة الاستغلال رغم أنها تتغير دوريا إلا أنها لا تؤثر على رأس المال العامل، غير أن حساب رأس المال العامل من الجهة السفلية له أهمية تكمن في تقديم مقياس كمي لدرجة الثقة في مقدرة الأصول المتداولة على الوفاء بالالتزامات القصيرة الأجل، وهو يصلح كمقياس يستعمل من قبل الدائنين للتعرف على المركز المالي للمؤسسة، ومقدرتها على الوفاء بالتزاماتها عند ميعاد الاستحقاق.
2-1-1 أنواع رأس المال العامل ([4]):
أ- رأس المال العامل الإجمالي :
هو ذلك الجزء من الأصول الذي يتعلق بنشاط الاستغلال للمؤسسة أي بمعنى العناصر التي تدخل ضمن دورة الاستغلال وهي مجموعة عناصر الأصول المتداولة، التي تدور في مدة أقل من سنة، وتتحول إلى سيولة في أقل من سنة.
رأس المال العامل الإجمالي    = الأصول المتداولة
                               = قيم الاستغلال + قيم قابلة للتحقيق + قيم جاهزة
,144.
ج- رأس المال العامل الخاص : وهو عبارة عن رأس المال العامل الصافي (FRN) ولكن بدون ديون طويلة ومتوسطة الجل الموجهة لتمويل الأصول الثابتة، ويوضح درجة الاستقلالية المالية للمؤسسة، ومدى قدرتها على تمويل استثماراتها بأموالها الذاتية.
رأس المال العامل الخاص     = الأموال الخاصة – الأصول الثابتة.
                               = الأصول المتداولة – مجموع الديون.
                               = رأس المال العامل الصافي– ديون طويلة ومتوسطة الأجل.
د- رأس المال العامل الأجنبي : هو ذلك الجزء من الديون الخارجية التي تمول رأس المال العامل الإجمالي ، أو الأصول المتداولة.
رأس المال العامل الأجنبي     = مجموع الخصوم – الأموال الخاصة.
                               = ديون طويلة ومتوسطة الأجل + ديون قصيرة الأجل.
2-1-2 العوامل المؤثرة في حجم رأس المال العامل:
يختلف حجم رأس المال العامل من قطاع إلى آخر ، وحتى بين مؤسسات نفس القطاع ، وهذا لعدة مؤثرات أهمها ما يلي:
أ- دورة الاستغلال :كلما كانت دورة الاستغلال طويلة تطلب ذلك وجود رأس مال عامل أكبر لتغطيتها، والعكس صحيح فمثلا في المؤسسات التجارية دورة الاستغلال تمتد من شراء البضائع إلى غاية بيعها ، بنما في المؤسسات الإنتاجية ، تبدأ دورة الاستغلال شراء المواد الأولية ، وتنتهي ببيع المنتوجات تامة الصنع، مرورا بالتخزين.
ب- التغيرات الموسمية:  بعض المؤسسات يتأثر نشاطها بالتغيرات الفصلية ولهذا فالمؤسسة مجبرة على تخزين المواد الأولية، وبعض المنتجات تامة الصنع، وتلجأ إلى استغلال ديون قصيرة الأجل حتى تضبط توازنها المالي، كما يجب توفير جزء من رأس المال العامل حتى تضمن سير نشاطها وتحويل المواد عبر مختلف المراحل الإنتاجية، أما في المؤسسات الخدماتية، تبدأ الدورة بتقديم الخدمة وتنتهي عند إنهاء هذه الأخيرة، فهي تشمل على أقصر دورة استغلال.
ج- القيمة المضافة: تعبر القيمة المضافة عن الإنتاج الفعلي للمؤسسة، وعلى المؤسسة تخصيص جزء من أموالها لتحقيق هذا الإنتاج فالمؤسسات الإنتاجية تكون لديها قيمة مضافة مرتفعة نسبيا فتلجأ إلى الأموال الدائمة لتمويل دورة الاستغلال على عكس المؤسسات التجارية.
د- طبيعة نشاط المؤسسة: رأس المال العامل مرتبط بنوع وحجم النشاط الاقتصادي للمؤسسة، وكذلك طبيعة الإنتاج وكيفية تصريف الناتج ، وتذبذباته وكذلك طبيعة المواد الأولية المستخدمة وطبيعة العملية التسويقية وطبيعة الائتمان و التحصيل .
2-1-3 الحالات المختلفة لرأس المال العامل ([5]):
من مزايا حساب رأس المال العامل أسفل الميزانية، هو مقابلة الأصول المتداولة والتي تمثل السيولة الممكن تحقيقها خلال السنة بالديون قصيرة الأجل (الخصوم المتداولة) والتي تمثل التزامات المؤسسة خلال السنة ويمكن أن تقع عند هذه المقابلة الحالات التالية:
أ- الأصول المتداولة = ديون قصيرة الأجل (FRN=0) :  يشكل التوازن المالي الأدنى ويعبر عن تأمين قدرة المؤسسة على الوفاء بديونها في تواريخ استحقاقها إلا انه من الصعب تحقيق هذه الوضعية بسبب التذبذبات في دورة الاستغلال وكذلك المشاكل غير المتوقعة والتي ينتج عنها عدم المطابقة الجيدة بين الموارد و الاستحقاقات ، ويضع المؤسسة فقي    أوضاع حرجة.
ب- الأصول المتداولة < الديون قصيرة الأجل (FRN>0) :  تعبر هذه الحالة عن فائض السيولة في المدى القصير وعن ضمان قدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها في الآجال المحددة وتفادي تأثيرات اضطرابات دورة الاستغلال.
ج- الأصول المتداولة > ديون قصيرة الأجل (FRN<0) :  هذا يعني أن المؤسسة سوف تواجه مشاكل في التوازن المالي وفي تغطية مستحقاتها في الآجال المحددة ، وهذا يتطلب منها إعادة النظر في التسيير المالي للمؤسسة من أجل تصحيح اختلالاتها.
2-1-4 عيوب رأس المال العامل :
إن الاعتماد على رأس المال العامل كمؤشر في التحليل غير كافي لتحليل الوضعية المالية للمؤسسة، نظرا لكونه مؤشرا ساكنا لا يستجيب لمتطلبات التسيير الديناميكي ، بحيث لا يأخذ بعين الاعتبار سرعة دوران كل من الأصول المتداولة وديون قصيرة الأجل.
فيمكن أن نجد الوضعية المالية لمؤسسة لها رأس مال عامل سالب أو معدوم ، أحسن من الوضعية المالية لمؤسسة لها رأس مال عامل موجب كون سرعة دوران الأصول المتداولة في المؤسسة الأولى أكبر من سرعة دوران الديون، الأمر الذي يسمح لها بتغطية مستحقاتها بالموارد المولدة من خلال دورة الاستغلال فلا تحتاج إلى الاحتفاظ برأس مال عامل (حالة المؤسسة التجارية).
بينما قد نجد في المؤسسة صعوبة في الوفاء بالالتزامات في آجالها نتيجة لكون دوران المستحقات أسرع من دوران العناصر المولدة للسيولة ، وعجز رأس مال العامل عن تغطية الحجم الكبير للاحتياجات رغم كونه موجبا، بسبب الاختلاف الكبير في سرعة دوران الطرفين.


[1] - منير شاكر محمد، مرجع سبق ذكره، ص 112.
[2] - JEAN MARIE MUDOYE, LE FONDS DE ROULEMENT, EDITION ENTREPRISE MODERNE, 1970, P13
[3] - منير شاكر محمد، مرجع سبق ذكره، ص112-113.
[4] - ناصر دادي عدون، مرجع سبق ذكره، ص45-46.
[5] - JEAM MARIE MUDOYE, le fonds de roulement, édition entreprise moderne, 1970, P17/19.

Post a Comment

Previous Post Next Post