التقييم الاقتصادي
يعتبر التقييم الاقتصادي أو دراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشروع والمزمع إقامته على درجة بالغة من الأهمية، كونها تعني دراسة جدوى المشروع من وجهة نظر فائدته للمجتمع أو الاقتصاد الوطني ككل.
هناك نوعان من طرق التقييم، التي تأخذ بعين الاعتبار ، فائدة المجتمع ككل، وتتمثل فيما يلي:
- طريقة السعر المرجعي.
- طريقة الآثار.
سنقتصر على دراسة الآثار ، وسنحاول من خلال هذا المبحث تقديم نظرة شاملة حول هذه الطريقة بالتطرق لمفهومها، ومحدداتها والمعايير التي تعتمد عليها.
دراسة الجدوى الاقتصادية:
1- مفهوم دراسة الجدوى الاقتصادية ([1]):
تحتل دراسة الجدوى الاقتصادية مكانة عالية في التقييم الاقتصادي للمؤسسة كونها تعني بدراسة جدوى المشروع من وجهة نظر فائدته للمجتمع أو الاقتصاد القومي ككل، هذا النوع من الدراسات يهتم عموما بمعرفة العلاقات المتبادلة بين المشروع المقترح والمجتمع الذي يقام فيه، من خلال معرفة مدى استفادة المشروع من المجتمع أو البيئة التي يتوطن فيها من جهة، والفائدة التي يعود بها قيام هذا المشروع على المجتمع من جهة أخرى، ويمكن الحكم على جدوى المشروع من الناحية القومية أو الاجتماعية من خلال المقارنة بين التكاليف الاجتماعية، والمنافع الاجتماعية.
 تعد طريقة الآثار التي تعتمد عليها دراسة الجدوى الاقتصادية، تقوم دراسة الآثار على دراسة مدى تأثير المشروع المقترح على المجتمع ، وكيفية إدراجه أو اندماجه في الاقتصاد القومي ، مع تحديد مختلف الاضطرابات والآثار التي تنتج من جراء إدماجه.
2- موضوع دراسة الجدوى الاقتصادية ([2]):
    و في ما يتعلق بمدى تأثير المشروع المقترح على المجتمع فإن دراسة الجدوى ، تهتم بمعرفة درجة تأثير هذا المشروع على الموارد الاقتصادية المتاحة في المجتمع ودرجة استغلالها ، وعلى أفراد المجتمع ، ومستوى المعيشة، وعلى علاقات الإنتاج ، والعلاقات  الاجتماعية ومدى مساهمة المشروع في تأسيس قاعدة صناعية وتأثيره على المشاريع القائمة في المنطقة وكذلك تحديد أثر المشروع على البيئة بعناصرها المادية و البشرية.
    لتحليل درجة تأثير المجتمع على المشروع المقترح أو المؤسسة ومدى إمكانية استفادة المؤسسة من البيئة التي تقام فيها، لا بد من معرفة الوفورات التي يحققها المشروع ، والناجمة عن وجوده في المجتمع منها مثلا الوفورات التي تتعلق باستفادة المشروع من البنى التحتية المتاحة في المجتمع ، كالطرق وشبكات المياه والكهرباء والهاتف والمجاري والبنوك وانخفاض تكاليف الموارد المتاحة و المستخدمة  في المشروع مقارنة بالدول الأخرى، مثل انخفاض الأجور وكذلك توفر الكفاءات الضرورية محليا ، فضلا عن البيئة الضريبية والاستثمارية الملائمة إضافة إلى توفر الأمن والاستقرار وكذلك توفر الظروف  الجغرافية والطبيعية (كالمناخ والتربة،...) حيث أن توفر هذه المستلزمات في المجتمع يمكن أن تساعد على تخفيض كلفة إقامة المشروع ورفع كفاءة أدائه .
    إن المشروع يعمل في بيئة مجتمعية محددة ، يمثل جزءا من البنية الاقتصادية يجب أن لا تقتصر على دراسة وتحليل الجوانب المالية والتجارية على مستوى المشروع الخاص بل لا بد أن تشمل الجوانب الأخرى للمشروع للتأكد من عدم وجود تعارض بين أهداف المشروع المقترح والأهداف على مستوى الاقتصاد الكلي.
المطلب الثاني : أوجه الاختلاف بين دراسة الجدوى الخاصة ودراسة الجدوى الاقتصادية ([3]):
    ثمة من الناحية النظرية والتطبيقية العديد من نقاط الاختلاف بين طبيعة ونتائج دراسة الجدوى الخاصة، ودراسة الجدوى القومية، فبعض الفرص الاستثمارية قد تكون مقبولة اقتصاديا من وجهة نظر المستثمر الخاص في حين أنها قد لا تكون كذلك من وجهة نظر الاقتصاد الكلي ، والعكس صحيح.
    وذلك لمجموعة من الأسباب من بينها:
    1- اختلاف طبيعة الأهداف والمعايير التي يتم الاحتكام إليها في تقييم نتائج الفرص الاستثمارية المتاحة والمفاضلة في ما بينها ، فمن نظر وجهة نظر الربحية التجارية فإن معيار التقييم والمفاضلة هو تحقيق أقصى حجم من الأرباح الصافية للمشروع، دون إيلاء الاهتمام الكافي للآثار الناجمة عن تنفيذ وتشغيل المشروع على المشاريع الأخرى وعلى الاقتصاد الكلي في حين أن تحقيق أقصى قدر من الربحية القومية، والرفاهية لأفراد المجتمع هو معيار التقييم ، والاختيار في نطاق دراسة الجدوى القومية ، والتي تسعى إلى تحقيق:
-  الكفاءة الاقتصادية في مجال الاستخدام الأمثل للموارد من وجهة نظر المجتمع.
- تحقيق العدالة في توزيع المنافع بين المناطق ضمن البلد الواحد.
2- اختلاف بنود المنافع والتكاليف وأساليب وطرق تقديرها في نطاق دراسة الجدوى القومية عنها في نطاق الجدوى الخاصة، ومن بين تلك الاختلافات :
- يتم تقدير المنافع والتكاليف المتوقعة من الفرص الاستثمارية موضع الدراسة في نطاق دراسة الجدوى الخاصة، استنادا إلى أسعار السوق السائدة والمتوقعة، أما في نطاق دراسة الجدوى الاقتصادية فإن تقدير بنود المنافع، والتكاليف يستند إلى الأسعار المعدلة أو ما يسمى أسعار الظل ، أو الأسعار المحاسبية، فتقدير بنود المنافع والتكاليف من وجهة نظر الربحية القومية ينبغي أن يتند إلى أسعار تعكس درجة الوفرة والقدرة النسبية لعوامل الإنتاج لتحقيق اعتبارات الكفاءة في تخصيص الموارد الاقتصادية.
- في نطاق دراسة الجدوى الخاصة (التقييم المالي) يتم إهمال الآثار الخارجية ، أو الجانبية (أثر المشروع المقترح على البيئة) لبنود المنافع، والتكاليف على كل من الإنتاج والاستهلاك الكلي في المجتمع حيث تقتصر الحسابات على المنافع الصافية المباشرة فقط، أما في نطاق دراسة الجدوى الاقتصادية فيتم إدخال العوامل الخارجية وقد ازداد الاهتمام في الآونة الأخيرة بتقييم بنود الآثار الخارجية ، ضمن بنود منافع وتكاليف المشروع المقترح ، ومن إدخالها كعنصر أساسي عند تقييم المشاريع و المفاضلة فيما بينها.
- تتم معالجة الضرائب على أنها بند من بنود المنافع الكلية وفقا لمفهوم الربحية القومية، في حين أنها تخصم من المنفعة الكلية للفرص المتاحة من وجهة نظر الربحية الخاصة.
3- الاختلاف في معالجة العمليات الائتمانية :
يقصد بالعمليات الائتمانية القروض ، وأقساطها والفوائد المدفوعة عليها، ففي نطاق دراسة الجدوى الخاصة يعتبر حصول المشروع على قرض تدفقا نقديا داخلا في حين يعد سداد الأقساط والفوائد بمثابة تدفقات نقدية خارجية، أما في نطاق دراسة الجدوى القومية فإن كافة العمليات الائتمانية لا تعد سوى تحويل منفعة أو نفقة بين مؤسسات الإقراض و المشاريع وبالتالي لا ينجم عنها منفعة أو نفقة خاصة على المستوى القومي ، ومن ثم فإن قيمة بنود العمليات الائتمانية يتعين استبعادها من قائمة التحليل المالي وصولا إلى قائمة التحليل الاقتصادي


[1] - محمد دياب ، مرجع سبق ذكره، ص 203-204
[2] - محمد دياب ، مرجع سبق ذكره، ص 204.
[3] - محمد دياب ، مرجع سبق ذكره، ص 205.

Post a Comment

أحدث أقدم