التفاوض و المفاوضات
تعد المفاوضات من أولى وسائل حل المنازعات الدولية والداخلية وهى وسيلة تقتصر في اغلب الأحوال على أطراف النزاع أنفسهم وان كان يمكن التفاوض بواسطة طرف ثالث .. وهى وسيلة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ باعتبارها وسيلة لتقليل أو لإزالة حد التوتر أو الأزمات والحقيقة نحن نعيش اليوم في عصر التفاوض ، فاغلب أنشطة حياتنا وما ينجم عنها من خلافات قد أصبح في حاجة للتفاوض لكي نتمكن من تحقيق أهدافنا ومصالحنا المتناقضة دائما وأبدا ..
وتظهر ضرورة علم التفاوض ومدى الأهمية التي يستمدها من العلاقة التفاوضية القائمة بين أطرافه أي ما يتعلق بالقضية التفاوضية التي يتم التفاوض بشأنها وتلك هي الزاوية الأولى. أما إذا نظرنا إلى الزاوية الثانية وهي زاوية الحتمية. نجد أن علم التفاوض يستمد حتميته من كونه المخرج أو المنفذ الوحيد الممكن استخدامه لمعالجة القضية التفاوضية والوصول إلى حل للمشكلة المتنازع بشأنها. فالتفاوض في جوهرة ليس إلا تبادل وجهات النظر حول مسالة أو موضوع معين فهو إذن نوع من الاتصال أو الترابط أو التبادل أو الاجتماع الذي يفترض بطبيعة الأشياء وجود أكثر من طرف ….
فكل طرف من أطراف القضية التفاوضية لديه درجة معينة من السلطة والقوة والنفوذ لكنه في الوقت نفسه ليس لديه كل السلطة أو النفوذ أو القوة الكاملة لإملاء إرادته وفرضها إجباريا على الطرف الآخر ومن ثم يصبح التفاوض هو الأسلوب الوحيد المتاح إمام الأطراف التي لها علاقة بالقضية وتريد الوصول إلى حل لها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التفاوض يمثل مرحلة من مراحل حل القضية محل نزاع إذ يستخدم في أكثر من مرحلة وغالبا ما يكون تتويجا كاملا لهذه المراحل. فالتفاوض كأداة للحوار يكون اشد تأثيرا من الوسائل الأخرى لحل المشاكل. فالعمل العسكري أو الحرب وإن كانت أسرع في فرض الإرادة إلا أنها لا تمثل نهاية المطاف فالحرب لا تؤثر في قهر الخصم وتدمير عزيمته.
لذا يعد التفاوض مخرجا نهائيا نحو الاستقرار وإن كان يجب التحفظ قليلا للتأكد من صدق النوايا والتأكد من القدرات والقوى التوازنية التي تملكها الأطراف المتفاوضة. وهو كذلك انتصار للعقلانية المدركة لكافة الأمور والأبعاد تستخدم فيها أسلحة الحوار ومقارعة الرأي والحجة بالحجة والدليل بالدليل ومن ثم يكون الوصول إلى نتائج نهائية يقنع بها الأطراف
وللتفاوض عديد من الاستراتجيات والتكتيكات والمفاوض الماهر يوظف العديد من الوسائل معا ليستفيد منها في تحقيق أهدافه وإشباع حاجاته المنظمةاو الدولة التي يمثلها في موضوع التفاوض ، وهذه الوسائل تشمل مجموعة من الاستراتجيات والأساليب يقسمها Nierenberg الى استراتيجيات مت ؟ واستراتيجيات كيف وأين ؟ وسوف نتعرض لكل منها داخل هذه الدراسة بتوضيح بعض جوانبهما وبالإضافة الى هذه الاستراتجيات توجد تقسيمات أخرى منها استراتجيات خاصة بالتفاوض السياسي وأخرى للاجتماعي … الخ .

Post a Comment

Previous Post Next Post