البلوغ عند الحيوانات
الحيوانات كالإنسان تنمو وتصل إلى البلوغ، وأجهزتها التكاثرية أيضًا تنضج للقيام بوظيفتها في التكاثر. كما وتتطوّر لديها علامات جنسية ثانوية مع البلوغ، عادةً عند الذكر. أمثلة: ريش ذكر البطّ الملوّن وذنب الطاووس المعتدّ بنفسه وعُرف الديك الأحمر. هناك أنواع تبقى العلامات الجنسية لديها طوال حياة الحيوان (كلبدة الأسد مثلاً) وكذلك الإنسان؛ وتظهر العلامات الجنسية الثانوية لدى أنواع أخرى فقط قبيل موسم تكاثر الحيوان، وتختفي عند نهايته (على سبيل المثال، قرنا الأيل البالغ، اللذان ينموان قبيل كلّ موسم تكاثر ويتساقطان بعده).
لدى الكثير من الحيوانات هناك فرق بارز بين مظهر الذكر البالغ وبين مظهر الأنثى البالغة. تسمّى هذه الظاهرة ثنائية الشكل الجنسي.
موسم التكاثر
كي يحدث الإخصاب، يجب على الذكر والأنثى أن يكونا بالغين. صحيح أنّ البلوغ الجنسي هو شرط ضروري للتكاثر، لكنّه ليس الشرط الوحيد. لدى معظم المخلوقات الحيّة، لا يتمّ التكاثر في كلّ أيّام السنة وإنّما في موسم خاصّ فقط- موسم التكاثر. الشروط البيئية في هذا الموسم تكون ملائمة لإنجاب أفراد النسل وتزيد من احتمالات بقائها. الطقس المعتدل وتوافر الغذاء ضروريان لأفراد النسل وللأبوين أيضًا اللذين يعتنيان بها (في الحالات التي تشتمل على عناية أبوية، كما هي الحال عند الطيور التي ترقد على البيض وبعد ذلك تعتني بالأفراخ أو عند إناث الثدييات التي تُرضِع أفراد نسلها).
لتمثيل مبدأ الملاءمة بين موسم تكاثر الحيوان وبين الشروط في بيئته الحياتية، يمكن المقارنة بين موسمَي تكاثر الأيل الأحمر الذي يعيش في إنجلترا والوعل النوبي الذي يعيش في البلاد في النقب. يتمّ التزاوج لدى الحيوانين في نفس الفترة من السنة تقريبًا (تشرين الأوّل- تشرين الثاني)، لكنّ مدّة حمل الأنثيين وموسم الإنجاب يختلفان في الحالتين، بالملاءمة مع الشروط البيئية المختلفة: لدى الوعل، يستمرّ الحمل حوالي خمسة أشهر، بينما لدى الأيل الأحمر يستمرّ الحمل حوالي سبعة أشهر. لدى الوعول، التي تعيش في النقب الجافّ والحارّ، يحدث الإنجاب في الربيع (آذار- نيسان)، حيث تكون درجات الحرارة عالية (25-31 درجة مئوية)، لكنّها ليست عالية للغاية (تصل درجات الحرارة في الصيف إلى أربعين درجة مئوية بالمعدّل). تتوفّر في النقب في هذا الموسم نباتات برّية كثيرة، تشكّل غذاءً متوافرًا لأفراد النسل وللأبوين. بالمقابل، تعيش الأيائل في إنجلترا الباردة، وتنجب الإناث في الصيف (حزيران- تمّوز)، في الموسم الذي تكون فيه درجات الحرارة الأعلى في السنة (20-22 درجة مئوية). قبل موسم التكاثر وبعده أيضًا، تكون درجات الحرارة منخفضة للغاية والغذاء قليل والشروط أقلّ ملاءمة لتربية أفراد النسل.
في الأماكن التي تسود فيها حالة طقس مريحة والغذاء متوافر طوال السنة (على سبيل المثال، في المناطق الاستوائية بالقرب من خطّ الاستواء)، لا يكون موسم التكاثر بالنسبة للكثير من الحيوانات محصورًا في موسم معيّن، وإنّما يمتدّ على طول السنة.
ما الذي يوجّه دورات تكاثر الحيوانات المختلفة إلى الموسم الملائم؟
لا تتصرّف الحيوانات حسب دفتر اليوميات ولا تُجري حسابات لمعرفة موعد التكاثر. الذي يثير ويوجّه آليات التكاثر كلّ سنة هو الإشارات التي تستقبلها الحيوانات من البيئة: طول النهار، درجات حرارة البيئة أو الدمج بين العاملين. من المؤكّد أنّ الطلاّب يعرفون أنّ طول النهار ودرجات حرارة البيئة تتغيّر خلال السنة بصورة دورية. في الخريف- يقصر النهار (ويستطيل الليل)، وفي الربيع- يستطيل النهار (ويقصر الليل). في منطقة خطّ الاستواء فقط، طول النهار مساوٍ لطول الليل طوال السنة تقريبًا. الحيوانات أيضًا تشعر بهذه التغيّرات وتغيّر سلوكها وفقًا لذلك.



Post a Comment

أحدث أقدم