ظروف نشأة النظام الاقتصادي الرأسمالي
نبدأ فنقول خضعت الكثير من دول العالم المعاصر لسيادة النظامين الاقتصاديين هما: النظام الاقتصادي الرأسمالي والنظام الاقتصادي الاشتراكي,ولقد سعى هذان النظامان إلى تحقيق أهداف تتمثل بالقضاء على الفقر وإتاحة فرص الكسب للجميع, وتحقيق التوزيع العادل للدخل بين أفراد المجتمع وصولا إلى تحقيق مجتمع الرفاهية حيث يتمكن الإنسان من إشباع معظم أو جميع احتياجاته وليس الحاجات الأساسية فقط, ورغم أن هذه الأهداف جميلة إلا أنها ظلت مجرد شعارات في عالم اليوم إذ ليس هناك دولة في العالم استطاعت أن تحقق هذه الأهداف مجتمعة, فالاقتصاد الاشتراكي الذي جاء بمفهوم مناهض لما جاء به الاقتصاد الرأسمالي من مبادئ؛والذي اتهم الاقتصاد الرأسمالي بعجزه عن تحقيقه هذه الأهداف أخفق هو الآخر وكان أسرع سقوطاً وانهياراً من الاقتصاد الرأسمالي. أما اقتصاد السوق أي الاقتصاد الرأسمالي فعلى الرغم من تفوقه على الاقتصاد الاشتراكي إلا أنه لم يتمكن من تحقيق هذه الأهداف المادية المنشودة فدول الرأسمالية غير مستقرة اقتصادياً فهي تعاني من مشكلتي البطالة والتضخم, كما أنها تعاني من الأزمات الاقتصادية المتكررة فضلا عن انعدام التوزيع العادل للدخل والثروة بين طبقات المجتمع, وزيادة على ذلك فالدول الرأسمالية تعاني من الاضطراب والتفكك الاجتماعي الذي يعكس عدم الرضا لدى الأفراد.هذا مدخل للحديث عن نشأة الرأسمالية والمبادئ التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الرأسمالي ثم نشأة الاشتراكية وكذلك الحديث عن المبادئ التي تقوم عليها النظام الاقتصادي الاشتراكي.
أولاً // الرأسمالية: نشأت الرأسمالية عندما سقطت الدولة الرومانية أصبح النظام الإقطاعي المتحالف مع الكنيسة هو السمة الأساسية للمجتمع الأوروبي وأصبح الأفراد في المجتمع آن ذاك إما أسياداً
أو عبيداً, والأسياد هم طبقه الأغنياء والعبيد هم طبقه الفقراء وكانت الطبقة الأولى تستغل الطبقة الثانية بكل ما أوتيت من قوة في سبيل تحقيق مصالحها الخاصة, وقد ارتبط النظام الإقطاعي بالكنيسة التي منعت الناس من حرية التفكير, فقد كان رجالها من الإقطاعيين الذين يحرصون على الدنيا وما فيها من مفاتن ومغريات في الوقت الذي يحث الناس ويدعوهم إلى الزهد في الدنيا باعتبارها وسيلة للحياة الأبدية وليست غاية في ظل هذه الأجواء التي ساد فيها الإقطاع المتحالف مع الكنيسة,ومع إدراك الناس لتناقض رجال الدين ومخالفة أقوالهم لأفعالهم تعالت الأصوات إلى فصل الدين عن الدولة ورفع الوصاية عن التفكير الإنساني فجاءت الرأسمالية كرد فعل لما يقاسيه المجتمع الأوروبي من مشاكل اجتماعية واقتصادية وبدأ التحرر التدريجي من النظام الإقطاعي التي جاءت الحروب الصليبية وهزم فيها الصليب فتأثر الغرب بواقع المسلمين,وتحرروا أكثر فأكثر من النظام الإقطاعي واستمرت حركت التغير حتى انتهى النظام الإقطاعي, ومن أبرز مراحل التطور التي مرت بها الرأسمالية بعد ذلك:
1) المدرسة التجارية:والتي امتدت من أواخر القرون الوسطى إلى منتصف القرن 18،وكان من أبرز سماتها أن قوة الدولة تتحدد من خلال ما تملكه من المعادن النفيسة والتي تحصل عليها من خلال التجارة.
2) المدرسة الطبيعية: التي امتدت من عام 1756م إلى عام 1778م وقد اتصلت بالحرية الاقتصادية وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية.
3) المدرسة الكلاسيكية:التي امتدت طوال العقد الأول ومنتصف العقد الثاني من القرن التاسع عشر, وكان من أبرز ما اتسمت به أن قوة الدولة تتحدد من خلال ما تمتلكه من أيدي عاملة وإنتاج وليس من المعادن النفيسة.
4) تلت بعد المراحل الثلاث مرحلة في أعقاب الحرب العالمية الأولى:التي تزامنت أيضا مع قيام الإتحاد السوفييتي وتطبيق النظام الاقتصادي الاشتراكي,ثم حدوث أزمة الكساد الكبير خلال هذه المرحلة.
أيضا شهد العالم قيام الحرب العالمية الثانية, وقد اتسمت هذه المرحلة بزيادة الاهتمام بالمشكلات الاقتصادية المعاصرة مثل:قضايا التنمية ومشكلة البطالة والتضخم وظاهرة الكساد وقضايا النقود والسياسات المالية,وقد استجدت ظواهر جديدة في العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين تأسس لمرحلة جديدة ومن أبرز ذلك سقوط الإتحاد السوفييتي وبروز ظاهرة العولمة وقيام منظمة التجارة العالمية واتساع دائرة الهيمنة الرأسمالية وتنامي ثروة الاتصالات الحديثة والاتجاه نحو الاقتصاد المعرفي وتعرض الاقتصاد العالمي لأزمة مالية خطيرة لازالت قائمة ولازال العالم يعيش تداعياتها وتزايد الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي, كل هذه المستجدات تجعلنا على أعتاب مرحلة جديدة لم تتبلور معالمها بشكل كامل.

Post a Comment

Previous Post Next Post