التعليم العالي وسوق العمل
تعمل مؤسسات التعليم العالي على توفير الكفاءات البشرية و تأهيلها لتلبية متطلبات التنمية واحتياجات الدولة وكذلك احتياجات سوق العمل ففي الماضي كان خريجي الجامعات كلهم يعملوا لخدمة البلاد وتلبية لسوق لعمل إلا انه نتيجة تزايد أعداد خريجي الجامعات فلم يتمكن السوق من استيعابهم خاصة التخصصات النظرية .ولقد استنتج التركستاني(1418هـ) إن من أسباب عدم قبول مخرجات التعليم الجامعي ما يلي:
1-   المناهج التعليمية في الجامعات لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل المحلى فهي في معزل عن المجتمع بمناهجها ولا تتلائم مع طبيعة العمل الخاص.
2-   لا تقوم الجامعات بتدريب الطلاب و تأهيلهم للعمل في القطاع الخاص.
3-   عدم توفر الخبرات لدى خريج الجامعات من لغة و خبرات علمية.
4-   إن خريج الجامعي لايزال يفضل الأعمال الإدارية غير الميدانية .
5-   عدم الجدية والانضباط في العمل.
فمن الملاحظ إن مؤسسات التعليم العالي في المملكة ترتبط ارتباطاً بالمؤهلات و الشهادات أكثر من ارتباطها باحتياجات التنمية الشاملة . فنجد أن حاجة التنمية ماسة للتقنيين و الفنيين في مجالات الزراعة و الصناعة و الطب و الهندسة ، إلا إن جامعاتنا لازالت تركز على الدراسات النظرية و المجالات الأدبية دون الدراسات العلمية و المجالات التطبيقية .
وهناك تخصصات اقترحتها خطط التنمية لكنها لم تطبق كهندسة المواصلات ؛ علم الآفات الزراعية ؛ إدارة المزارع وتعليم ذوى الحاجات الخاصة و غيرها ، وكانت النتيجة أن خطة التنمية السابعة تؤكد أن عدم تنفيذ بعض برامجها يعود إلى ندرة الخرجين في التخصصات العلمية والتقنية و الطبية ،كما إن هناك العديد من المشكلات الأخرى التي تحد من المواءمة بين مخرجات التعليم العالي و احتياجات التنمية وسوق العمل ذكر منها ( السنبل ، 1425هـ) التالي:
1-    الضغط الكبير في أعداد الطلاب المتقدمين إلى مؤسسات التعليم العالي وذلك فوق كطاقاتها الاستيعابية حيث وصلت نسبة عدد الطلاب إلى الأستاذ (1:31)في عام 1420هـ وهذه إذا ما قورنت بكثير من جامعات العالم وحتى ما هو مستهدف في خطط التنمية بالمملكة تعتبر نسبة مرتفعة ، قد تنعكس على مستوى دون العدد المطلوب لمواجهة العدد المتزايد واحتياجات التنمية
2-   عدم الاستفادة من تشعيب التعليم في المرحلة الثانوية عند القبول في مؤسسات التعليم العالي بالمستوى المطلوب حيث تستقطب المجالات الأدبية حوالي87% من المستجدين والنسبة نفسها تقريباً من المقيدين وهذا لاشك يمثل نوع من عدم التوازن في سياسة القبول و عدم المواءمة بين مخرجات التعليم العالي و سوق العمل على ذلك أن المجال الطبي لا يغذي سوق العمل إلا بنسبة 2.5% من الخريجين.
3-    تركز مؤسسات التعليم العالي في المدن الرئيسة وهذا يمثل عبء على المؤسسات والطلاب على حد سواء،لما فيه من استقطاب طلاب المناطق المحيطة لها فيحدث خلل في التوزيع الديموغرافي لمناطق وقرى المملكة .
4-   تفوق أعداد الطالبات و محدودية المجالات التخصصية لهن إذا ما قورنت بالطلاب ،وهذا يترتب عليه مستقبلياً إهدار كثير من الطاقات البشرية النسائية فمن المتوقع أن تزيد نسبة الطالبات إلى أكثر من 60% من العدد الإجمالي للملتحقين ببرامج التعليم العالي، وكما هو معروف بان النسبة الغالبة من الخريجات تتجه إلى التدريس أو تبقى في المنزل وهذا لاشك يتطلب النظر في كيفية الاستفادة من المرأة وإمكانية تنويع البرامج المتعلقة بها و الملائمة لظروفها وفق منطلقات و أسس الشريعة الإسلامية السمحاء.
5-     دور البحث العلمي في التنمية لازال محدوداً و موجهاً في الغالب لأغراض محدودة مثل الترقية أو الحصول على درجة علمية وقد يعود ذلك إلى قلة الدعم و المشاركة من القطاع الخاص في هذا المجال الحيوي الهام الذي يعتبر مفتاحاً أساسياً في التخطيط والتطوير لمستقبل التنمية في أي بلد من العالم .
6-   وجود فجوة بين برامج الإعداد و متطلبات التوظيف و ربما يكون ذلك ناتج عن قصور في التصنيف الوظيفي لبعض المجالات أو التخصصات فعلى سبيل المثال قسم الدعوة لازال يعاني خريجوه من الحصول على فرص وظيفية مناسبة أسوة بزملائهم في نفس  الجامعة أو المؤسسة التعليمية.
من العرض السابق نجد أن مؤسسات التعليم العالي في المملكة – وكثير من دول العالم- تواجه الكثير من التحديات و المشكلات التي تحول دون تحقيق أهدافه المرجوة ، ومن اجل مواجهة تلك التحديات وحل تلك المشكلات لابد من استخدام التخطيط بطريقة علمية وتوفير آليات واضحة من اجل تذليل تلك العقبات، ولا يتم ذلك إلا من خلال التعرف على خصائص سوق العمل السعودي و الصعوبات التي يواجهها والمهارات التي يتطلبها.

Post a Comment

Previous Post Next Post