خلل التوازن الطبيعي بين الكائنات الحية
يوجد توازن طبيعي بين الكائنات الحية
وعندما يختل هذا التوازن
تظهر آفات جديدة؛ أي تتحول بعض الكائنات الحية إلى آفات خطيرة ولم تكن خطيرة في
الماضي قبل اختلال التوازن الحيوي؛ كما قد تندثر أو تنقرض بعض الكائنات
الحية النافعة أو غير النافعة أو ينخفض نشاطها.
أسباب خلل التوازن الحيوي:
1: خلل التوازن الحيوي بسبب العمليات الزراعية:
1ـ مبيدات الأعشاب: فإنها تبيد الأعشاب التي يريد
المزارع إبادتها ولكن تظهر له أعشاب جديدة لم تكن بالحسبان فتستفحل وتصبح آفات
جديدة وتأخذ الشركات في اختراع وتصنيع الأدوية التي تبيدها.
كما أن الأثر الباقي لمبيدات الأعشاب له تأثيرات ضارة بعيدة المدى
على الإنسان والحيوان وذلك بالنسبة للأمراض الجديدة كالسرطان والإعاقات والتشوهات
الخلقية للأجنة؛ ولذا رأينا الولايات المتحدة الأمريكية تبيع محاصيلها ممن الحبوب
والتي تحتوي على آثار متبقية للمبيدات في السوق العالمي وتشتري من الصين حبوب
ومنتجات زراعية بمبلغ 13 مليار دولار سنويا من ما يسمى بالزراعة العضوية والتي
تعتمد على إضافة الأسمدة العضوية بدل الأسمدة الكيماوية ومكافحة الحشرات
(بيولوجيا) بواسطة الأعداء الحيوية ومكافحة الأعشاب الضارة بإزالتها باليد عن طريق
العمال المتوفرين بكثرة في الصين وتقيم الشركات الأمريكية المستوردة مكاتب لها في
الصين للتأكد من الالتزام التام والدقيق بالزراعة العضوية.
2ـ مبيدات الحشرات: إن كل حشرة زراعية لها أعداء
حيوية من الحشرات المفترسة والطيور والزواحف؛ فعندما تأكل هذه العداء الحشرة
المسمومة بالمبيد الحشري فإنها تموت مما يؤدي إلى تكاثر الحشرة في الحقول التي لم
ترش أو في الأراضي المهملة تتكاثر فيها الحشرة بحرية مطلقة بعيدا عن الأعداء
الحيوية التي هلكت فتتضاعف الحشرة ويشتد خطرها وتتضاعف تكاليف مكافحتها.
إن طائر السنونو من الطيور المفترسة للحشرات المنزلية التي
تهاجم الإنسان والحيوان وكان المزارعون يحافظون عليه ويمنعون أولادهم من صيده أو
تخريب أعشاشه وكانوا يقولون لهم :" حرام عليكم إن هذه الطيور هي من طيور
الجنة حافظوا عليها فإن تؤذوها يدخلكم الله في النار". ولكن الذي حصل في
أواخر القرن العشرين عندما أسرف الإنسان في استعمال المبيدات الحشرية فإن طائر
السنونو شبه انقرض فقد قلت أعداده بنسبة 95%؛ والآن بدأ يعود بنسبة قليلة وكذلك
الأمر بالنسبة للخفاش الذي يتغذى على الحشرات مثله مثل السنونو شبه انقرض ؛ وكذلك
الكثير من الحشرات المفترسة للحشرات وكثير من الزواحف.
3ـ الأصناف المحسنة من النباتات
والحيوانات:
لا شك أن الأصناف المحسنة ضاعفت الإنتاج الزراعي عدة مرات ؛
ولكن هذه المضاعفة كانت على حساب الجودة الحيوية والصحية وليس الجودة الظاهرية
التي يتفوق فيها الصنف المحسن على الصنف القديم ؛ بل على حساب الجودة الحقيقية من
حيث فائدتها الحيوية الغير منظورة بعيدة المدى في تغذية الإنسان والحيوان ووقايته
من الأمراض.
إن الأصناف القديمة للنباتات والحيوانات والطيور بالإضافة إلى
زيادة فائدتها الحيوية للإنسان؛ إلا أنها متلائمة مع الظروف البيئية لآلاف السنين
وإن إنتاجها لا يحتاج إلى استعمال الأدوية المكلفة والتي تلوث البيئة. لقد ثبت أن
كل ميزة حسنة يبحث عنها الإنسان مفروض عليه أن يدفع ضريبتها ميزة سيئة غير منظورة.
ليس معنى هذا أن تتوقف البشرية عن البحث عن الأفضل أو المحسن ؛ بل يجب دراسة
الأبعاد غير المنظورة لهذا الصنف المحسن .إن أخطر من الأصناف المحسنة هي الأصناف
المعدلة وراثيا فإنها ورغم فوائدها الظاهرية الخارقة للعادة للإنسان فإنها تحمل في
ثناياها مخاطر استراتيجية بعيدة المدى قد تعصف بالإنسان وتجلب له أمراضا وإعاقات.
2: خلل التوازن الحيوي بسبب التلوث:
لا شك أن تلوث البحار والمحيطات بمخلفات السفن من زيوت وشحوم
ومواد نفطية وكيماويات بالإضافة إلى الصيد الجائر عمل على انقراض الكثير من
الكائنات البحرية وقلت أنواعها وقلت منفعة الصالح منها كما أنها زادت من أعداد بعض
الكائنات البحرية الغير نافعة أو الضارة مثل قنديل البحر الذي تكاثر بشدة في شواطئ
السباحة وسبب لمرتاديها مضار جلدية.
3: خلل التوازن الحيوي بسبب المدنية:
إن زحف العمران على الأراضي قضى على الكثير من النباتات
والأشجار؛ كما أن حاجة الإنسان للورق والأخشاب قضى على الكثير من الغابات وكذلك
حاجته للأرض الزراعية للبناء وزراعة المحاصيل بسبب التزايد السكاني الهائل أدى لإزالة
الكثير من الغابات بما عليها من كائنات حية وأهمها غابة الأمازون في البرازيل
والتي كانوا يسمونها رئة العالم.
كما أن استعمال الإنسان للسلاح الناري في الصيد أدى لانقراض
كثير من الحيوانات التي انقرضت بالفعل والمهددة بالانقراض مثل وحيد القرن الذي
يصيدونه لأجل قرنه الوحيد الذي يبيعونه للأثرياء لأجل التذكار أو لأجل سحقه
واستعماله في وصفات طبية تباع بأثمان غالية جدا.
4: خلل التوازن بسبب التلوث:
تؤدي أنواع التلوث المختلفة إلى عدم توازن البيئة التي يعيش
فيها الإنسان ؛ فإن أنواع التلوث المادي من تلوث سطح التربة وتلوث المياه وتلوث
الهواء وتلوث الغذاء والتلوث الضوئي والإلكتروني والفضائي والإشعاعي ؛ تؤدي إلى
تلوث البيئة المادية المحيطة بالإنسان عن الوضع الطبيعي الذي كان يعيش فيه الإنسان
قبل التلوث وتكيف تركيب جسمه وأجهزته الحيوية عليه ؛ لأن هذا التلوث مستحدث وبفعل
الإنسان نفسه .
كما أن كل أنواع التلوث الروحي من : تلوث الذوق والأخلاق
والحضارة والدين والثقافة والفكر والإعلام والسياسة والعلم والإدارة وتلوث السوق
وتلوث الأمن ؛ كلها تؤدي إلى عدم توازن البيئة الروحية المحيطة بالإنسان عن
الوضع الطبيعي .
ولتدارك الخلل يجب تدارك السبب وهو التلوث بكافة أشكاله
المختلفة والمتشعبة والتي تتكاتف لتهدم بيئة الإنسان فتهدم الإنسان.
5: خلل التوازن الوظيفي
لقد خلق الله أجهزة الجسم
الحيوية كي تقوم بوظائفها الحيوية وعندما لا تقوم بوظائفها فإنها تمرض بالداء
العضال. وأشهر مرضين:
1: سرطان الثدي: الذي يصيب
النساء اللاتي لا يرضعن أطفالهن من أثدائهن ويعتمدن على الرضاعة الصناعية في
إرضاعهم؛ فيستغنى عن الثدي في الرضاعة فيصبح بدون قيمة حيوية فيضمر أو يترهل أو
وهذا الأهم يصاب بسرطان الثدي العضال والذي قد يفضي إلى استئصاله بالجراحة كي لا
يمتد السرطان إلى باقي الجسم.
2: تليف الرحم: وهو مرض
يصيب بشكل خاص العانسات اللائي حرمن من الزواج فيتعطل رحمهن عن القيام بوظيفته
الحيوية وهي إنجاب الأطفال مما يؤدي إلى تليفه فيضطر الطبيب إلى استئصاله.
6: خلل التوازن الحركي
لقد خلق الله العضلات للإنسان كي تقوم بوظيفتها في تحريك
الإنسان في المشي والعمل والدفاع عن نفسه وأثناء عمل العضلات تجري فيها الدورة
الدموية فتغذيها وتخلصها من السموم؛ ولكن بعد تقدم القرن العشرين وإسراف الإنسان
في استخدام الآلات خصوصاً السيارة فأصبحت العضلات للزينة فقط فضعفت وتراكمت فيها
السموم.إن خلل التوازن
الحركي هو
عامل هدم للإنسان يمكن تلافيه بالرياضة العلمية المدروسة وبممارسة الأعمال اليدوية
المجهدة وليست البسيطة.
7- خلل التوازن الروحي (
عدم التوازن الروحي )
خلل التوازن النفسي ( عدم
التوازن النفسي )
إن تناقض وتضارب المعلومات
التي يحصل عليها الإنسان من الأسرة والمجتمع والمسجد والإعلام؛ حول الأخلاق والدين
والسياسة تحدث له خللاً في نفسيته وتسبب له الحيرة والارتباك وقد تؤدي به إلى
الشلل النفسي.
كما أن الفرق بين المعلومات
التي يحصل عليها الإنسان من المصادر الخمسة المذكورة والفرق بينها وبين ما يراه
مطبقاً على أرض الواقع يحدث لديه خللاً نفسياً وقد يفضي هذا الخلل إلى الكثير من
الأمراض النفسية كالإحباط ( الشلل النفسي )، والخوف المرضي ( الفوبيا ).
إن خلل التوازن النفسي يؤدي
إلى هدم الإنسان الفرد والجماعة وبالتالي إلى هدم الأمم.
إرسال تعليق