تعريف الحراك السياسي
ماهو الحراك السياسي
معنى الحراك السياسي
ما هو الحراك الاجتماعي
مفهوم الحراك الاجتماعي
معنى حراك
الحراك الاجتماعي
انواع الحراك الاجتماعي
عوامل الحراك الاجتماعي
الحراك الاجتماعي والتعليم
أمثلة على الحراك الاجتماعي
مفهوم
الحراك السياسي
Political mobility
إن الاستخدام الأوسع لمصطلح الحراك في أدبيات
علم الاجتماع يتصل بتغير الوضع الاجتماعي أو الطبقي لشخص أو فئة ، إما في إطار
الطبقة الاجتماعية ذاتها ، أو انتقالها سواء إلى طبقة اجتماعية أعلى أم طبقة اجتماعية
أدنى. بينما في أدبيات علم السياسة من الصعب تطبيق مصطلح الحراك السياسي تبعاً
للحركات السياسية . فاتجاهات الحراك السياسي أكثر تعقيداً ، وتتم بصورة أقرب ما
تكون للسلم الحلزوني الصاعد إلي أعلى.
ويشير الحراك السياسي في مفهومه العام إلى كل
النشاطات السياسية ( الفردية منها والجماعية ) في داخل الوطن وخارجه . فالحراك السياسي
هو جزء من الحراك الاجتماعي الذي يهدف إلى الانتقال أو التحرك من موقف سياسي إلي
أخر ، ومن رؤية سياسية إلى أخرى ، ومن تحالف معين إلى تحالف آخر ، يتجه نحو تفاعل شعبي
وسياسي واجتماعي يتبلور على قاعدة إبراز قضية سياسية واجتماعية في المجتمع بهدف
النضال من أجلها، بصرف النظر إن كان ذلك الانتقال أو التحول يرضى السلطة أو
يخالفها .( محمود،
2011،ص 28 )
إذن فالحراك السياسي هو في الأصل حراكاً اجتماعيا ، يمكن أن يطلق عليه حراكاً سوسيو سياسي
-
. soico-political mobilityفالحراك السوسيو سياسي
مفهوم شامل و مركب ،
فالحراك فيزيائيا مفهوم واضح هنا و هو ضد السكون في المجالين
السياسي المرتبط بالممارسة السياسية و الاجتماعية الذي تجعل الجماعة في صلب الحراك
لتحقيق أهداف معينة سلبية أو إيجابية فالحراك السوسيو سياسي هو كل نشاط فردي كان
أو جماعي يأتي بسبب غياب حقوق معينة أو من أجل المساواة و رفع الظلم ، و قد يتجاوز ذلك ليكون ظاهريا و يهدف في
الواقع إلى أهداف غير معلنة (Diamond,2011)
من هنا يمكن تصنيف الحراك السوسيو سياسي إلى حراك معارض ذو طبيعة ايجابية تغييري بطبعه يهدف إلى تغيير الأوضاع إلى ما هو أحسن من خلال مناهضة الاستغلال و غياب المساواة و غياب العدالة الاجتماعية و العنصرية..الخ. أما النوع الثاني فهو حراك سوسيو سياسي موالي ذو طبيعة سلبية يلعب دور تجميلي و يهدف إلى استمرار أمر واقع أو سياسة أو حكم فاشل من خلال السباحة ضد التيار من خلال الترويج لمفاهيم ميتافيزيقية و بالتخدير السياسي من قبيل استخدام المجتمع المدني و الأحزاب السياسية للترويج لسياسات بعيدة عن الديمقراطية بأساليب ديمقراطية من خلال تكثيف استعمال مفاهيم براقة و تخدير الشعب بها من قبيل التعددية الحزبية و حرية التجمهر و توفير الأمن و العهد الجديد والتنمية البشرية.. و هي في الأخير تسعى إلى الوصول إلى مجتمع راض على الوضع كيفما كان.
من هنا يمكن تصنيف الحراك السوسيو سياسي إلى حراك معارض ذو طبيعة ايجابية تغييري بطبعه يهدف إلى تغيير الأوضاع إلى ما هو أحسن من خلال مناهضة الاستغلال و غياب المساواة و غياب العدالة الاجتماعية و العنصرية..الخ. أما النوع الثاني فهو حراك سوسيو سياسي موالي ذو طبيعة سلبية يلعب دور تجميلي و يهدف إلى استمرار أمر واقع أو سياسة أو حكم فاشل من خلال السباحة ضد التيار من خلال الترويج لمفاهيم ميتافيزيقية و بالتخدير السياسي من قبيل استخدام المجتمع المدني و الأحزاب السياسية للترويج لسياسات بعيدة عن الديمقراطية بأساليب ديمقراطية من خلال تكثيف استعمال مفاهيم براقة و تخدير الشعب بها من قبيل التعددية الحزبية و حرية التجمهر و توفير الأمن و العهد الجديد والتنمية البشرية.. و هي في الأخير تسعى إلى الوصول إلى مجتمع راض على الوضع كيفما كان.
التعريف
الإجرائي للحراك السياسي : وتقصد
الدراسة بالحراك السياسي كافة الفعاليات السياسية التي يشارك فيها أفراد المجتمع ،
من مسيرات واحتجاجات ومظاهرات وحراك طلابي وإعتصامات ، ونقاش سياسي وحوارات مفتوحة
حول عدد من الموضوعات السياسية ، مثل
محاربة الفساد، والتعديلات
الدستورية، ودور الجيش في السياسة في مصر،
والانتخابات البرلمانية أو الرئاسية .
الإطار
النظري للدراسة :
نظرية المجال العام :
صاغ الفيلسوف الألماني
(جورجن هابرماس) نظرية المجال العام عام (1962)، وهي تشرح وتصف نشأة تكوّن الرأي
العام وحالة الرأي، والمجال العام يتوسط في الواقع بين مجال السلطة العامة
والحكومة، والمجال الخاص الذي قد يُركز على الأسرة وشؤون الأفراد الخاصة، وهذا
المجال العام – كما نشأ في المجتمعات البرجوازية الأوروبية – كانت تمارس فيه
المناقشات حول السياسات الحكومية, وفي رحابه تتبلور اتجاهات الرأي العام (زكريا، ص
943).
وعرّف
"هابرماس" المناخ أو المجال العام بأنه مجتمع افتراضي أو خيالي ليس من
الضروري التواجد في مكان معروف أو مميز (في أي فضاء), فهو مكون من مجموعة من
الأفراد لهم سمات مشتركة مجتمعين مع بعضهم كجمهور, ويقومون بوضع وتحديد احتياجات
المجتمع مع الدولة، فهو يبرز الآراء والاتجاهات من خلال السلوكيات والحوار, والتي تسعى
للتأكيد على الشؤون العامة للدولة وهو شكل مثالي.) بومنير ،2010،ص:152 )
وأشار هابرماس إلى أن نجاح المجال العام يعتمد
على (Johnson, 2002,p.428) :
1- مدى الوصول والانتشار.
2- درجة الحكم الذاتي (المواطنون يجب أن يكونوا
أحراراً، يتخلصون من السيطرة والهيمنة والإجبار).
3- رفض الإستراتيجية (كل فرد يشارك على قدم
ومساواة).
4- الفهم والثقة والوضوح في المضمون الإعلامي.
5- وجود سياق اجتماعي ملائم.
6- الثقة والوضوح والصدق في المضمون الإعلامي.
وقد ساهمت الثورة الاتصالية
الكبرى والتكنولوجيا الجديدة لوسائل الإعلام
الإلكترونية وعلى رأسها الإنترنت
في ظهور فضاء عام اجتماعي جديد يخضع لمثالية "هابرماس". ويعتمد على أن
يكون الرأي العام حراً في حركة المعلومات وتبادل الأفكار بين المواطنين، فالإنترنت
تقدم إمكانيات جديدة مقارنة بوسائل الإعلام
التقليدية، فهي تجعل من السهل نشر
المعلومات بشكل كبير بين الأفراد.( المصدق، 2005،ص:109 )
وتؤكد نظرية المجال
العام على أن وسائل الإعلام الإلكترونية تخلق حالة من الجدل بين الجمهور
تمنح تأثيراً في القضايا العامة وتؤثر على الجهة الحاكمة.
والمجال العام يُمكن
رؤيته كمجال حياتنا الاجتماعية، والذي من خلاله يُمكن تشكيل الرأي العام، ويؤكد
"هابرماس" على إمكانية خلق حوار خارج سيطرة الحكومة والاقتصاد من خلال
نظريته، فضلاً عن التأثير السياسي للإنترنت بين الأفراد، وللإنترنت دور في تحقيق
الديمقراطية، فهي في المجال العام يُنظر إليها كمحيط سياسي (عبد القوي، ص 1558).
ومن أهم السمات التي حددها هابرماس للمجال العام
ما يلي (عزي، 2009، ص8):
1- المجال العام حيز من حياتنا الاجتماعية يمكن من
خلاله أن يتم تشكيل ما يقترب من الرأي العام.
2- المجال العام ينشأ من ناس خصوصيين، يجتمعون معاً
كجمهور ليتناولوا احتياجات المجتمع من الدولة.
3- المجال العام هو مجموعة أشخاص يستفيدون من
عقلانيتهم وتفكيرهم في مناقشة المسائل العامة.
فالمجال العام – بشكل
عام – هو تلك المساحات التي فيها يقوم الأعضاء بتناول ما يفضلونه، ويصلون لقرار في
"كيف سيعيشون معاً ويعملون معاً بشكل جماعي خلال المستقبل"، كما أن هناك
ثلاثة مظاهر تميّز المجال العام أولها أن المشاركة فيه مفتوحة, وثانيها أنه يسـاوي
بين مواقع وأدوار الأطراف المشاركة فيه بصرف النظر عن أوضاعهم الاجتماعية والاقتصاديـة,
وثالثها أن أية قضية فيه تكون قابلة للنقاش (عبد المقصود, 2009, ص14).
وتستفيد الدراسة الحالية من نظرية المجال العام
في التعرف على دور مواقع التواصل الاجتماعي كمجال للحوار حول الاحتجاجات الشعبية،
في إتاحة الفرصة للجمهور للتعبير عن آرائهم بحرية مطلقة، وتبادل المعلومات
والأفكار في هذه القضية، ومعرفة دوره في حفزهم للمشاركة في الحراك السياسي, كما
يمكن الاستفادة من هذه النظرية في تفسير النتائج, وذلك نظراً للدور الذي يمكن أن
تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي في خلق مجال عام بين مجموعات الأصدقاء, تمكنهم من
إبداء آرائهم بحرية في موضوعات الحراك سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
يشدد الفيلسوف والمنظر الاجتماعي
المعاصر يورجن هابرماس الذي يعمل في الإطار التقليدي للنظرية النقدية على أن الفعل
الديمقراطي التواصلي لا يستطيع أن يحصل على مشروعية حقيقية قائمة على سلطة العقل
إلا في إطار خطاب نقدي خال من الإلزامات والقيود السلطوية. فلا توجد أفكار
معاصرة تشبه أفكار يورجن هابرماس من جانب بنائها المعماري
وقدرتها على التعبير النقدي.ولقد رصد فلاسفة وعلماء الاجتماع في مدرسة فرانكفورت
مختلف الإعراض المرضية التي أصابت عصرنا كالتشيؤ والاغتراب والصنمية ،
مما حداهم أن يقيموا نقداً حاداً ليوتوبيا التقدم التقني والنظريات التبشيرية
بعالم الأحلام الموعود ، كما انتقدوا في حينه النزعة العلمية التي
تتصور المعرفة كطبيعة موضوعية مجردة عن المصلحة .( jurgen
Habermas,2004.pp456-457)
وفى
هذا الإطار ذهب برهان غليون إلى القول بأن هناك ثلاثة عناصر تبرر الاهتمام بفكر
هابرماس والحماس للتعرف به في بيئتنا العربية المعاصرة الأول : هو الطابع التوجيهي
الذي تتميز به فلسفة هابرماس وسعيه المستمر إلى ربط النظرية بالممارسة .. والثاني
: هو النظرية النقدية التي تبناها هابرماس وأعاد بناءها والعنصر الثالث : هو
مفهوم الفضاء العمومي ويشكل هذا المفهوم الذي هو من اختراع الفيلسوف الألماني
مفتاح الممارسة الديمقراطية في نظر هابرماس الذي عمم استخدامه منذ
السبعينيات من القرن الماضي .
( الأشهب،2006،ص: 196 )
والوسيط
الذي يحكم المعاملات في الفضاء العمومي هو الفعل التواصلي Communicative action حيث يرى هابرماس إن هناك ثلاثة وسائط: الدولة أو المجتمع
السياسي يستعمل وسيط السلطة، والنسق الاقتصادي يستعمل وسيط المال، والمجتمع المدني
المهيكل في الفضاء العمومي يستعمل وسيط الفعل التواصلي. لهذا لا يوجد قيد أو شرط
يمكن أن يمنع المواطن من الاندماج في الفضاء العمومي والمساهمة فيه. إذ إن القدرة
على التواصل بواسطة اللغة تكون كافية وحدها لدخول هذا الفضاء والضرب بسهم فيه. بيد
أن الفعل (التواصلي) في نطاق الفضاء العمومي لا يكتسي مشروعيته من حدود المصالح
الخاصة أو الفئوية للأفراد أو الجماعات، بل يكتسبها من حدود المصالح القابلة
للتعميم والتي تتعالى عن المصالح الخاصة والجزئية للأفراد والجماعات المتنافسة.
لذلك عدّه بعض المفكرين (أبرزهم هابرماس) المكان الذي تتكون فيه الإرادة العامة
على نحو عقلاني.) المصدق،
2005،ص 109)
-
القضايا النظرية
للدراسة :
بين إمكان الثورة في مجتمع ما وطبيعة التكوين الاجتماعي
في ذلك المجتمع علاقة وطيدة . فلا سبيل إلي افتراض إمكان الثورة لمجرد أن إرادة
التغيير السياسي توفرت لدى جمع من الناس ، كثر عدده أو قل ، فالثورة لا تقع في فضاء اجتماعي
بكر ، وإنما تحدث على أرضية تملأها تكوينات مختلفة من قوى وجماعات اجتماعية ،
وروابط أهلية ، ومؤسسات وأيديولوجيات ...الخ .
وهى لذلك السبب تصطدم بحقائق
موضوعية خارج نطاق الإرادة والرغبة ، فيحدث أن تصادف بيئة مناسبة وجاذبة ، كما
يحدث أن تصطدم ببيئة مجافية ونابذة .
ومن الثابت أن عملية التحول الديموقراطى متعددة
الأبعاد ، ولها مكونات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مترابطة عضوياً ببعضها البعض ، وإن
إحداث التحول لا يمكن أن يتم إلا من خلال تصور كلى يأخذ بجميع المكونات في إطار
تصور اندماجي وتكاملي .
وفي هذا الإطار تنطلق الدراسة الراهنة من جملة
من القضايا الأساسية التي تعكس رؤية الدراسة للحراك السياسي في المجتمع المصري بعد
ثورة 25 يناير ودور الإعلام الاجتماعي في تشكيل وعى الفئات الاجتماعية المختلفة
بآليات الحراك السياسي في المجتمع المصري :
1- يرتبط
الحراك السياسي بمدى توفر عوامل اجتماعية –ثقافية واقتصادية معينة ، حيث أن الشعوب
تنزع إلى الرغبة في المشاركة السياسية ، أي في إدارة الشأن العام متى توافرت هذه
العوامل . وفى هذا الإطار يرى " سيمور ليبست "أن الديمقراطية هي الابنة
الشرعية للطبقة الوسطى ، أو البرجوازية بالمفهوم الماركسي . فمع بزوغ هذه الطبقة وإسهامها
المتزايد اقتصاديا وعلميا، فأنها تسعى إلى استكمال هذه الثنائية بإسهام سياسي
يتجسد في الديموقراطيه ، ولذلك فأن الطبقة الوسطي هي الحاضنة للديموقراطيه ،
فأبناء هذه الطبقة ينشئون علي عقيدة "الإنجاز" Achievement
للحراك الاجتماعي إلى أعلى ، وما تنطوي عليه من
منافسه في (التعليم ، الرياضة ، البحث العلمي ، التجارة ، الثقافة و الفنون ، وكذلك
السياسة ). وهكذا أصبح النضال من أجل التحول إلى الديموقراطيه واستمرارها ،
مرتبطاً بظهور ونمو الطبقة الوسطى بكل شرائحها . ( Ann
M.Lesh,2011,pp:234-235 )
2- فيما
يتعلق بالحرمان الاقتصادي كمحرك لثورة يناير يرى البعض انه طبقا لمؤشرات التنمية البشرية
،كما جاء في التقارير السنوية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (Arab Human
Development Reports. ( UNDP) ) ، فان كل الأقطار العربية قد حققت معدلات من
النمو الاقتصادي تتراوح ما بين 3،0 و 7،0
% سنويا خلال العقد الأول للقرن الحادي والعشرين (2000-2009 ) . أي أن العرب إجمالا
كانو في نهاية ذلك العقد أعلي دخولاً ، وأكثر تعليما وصحة . وعل الرغم من أن
معدلات هذه التنمية قد تتفاوت من قطر إلى آخر ، الإ أن الثابت أن متوسط نصيب الفرد
من الناتج المحلي الإجمالي في الوطن العربي قد تضاعف بما فيها بلدان الربيع العربي
. ففي مصر ارتفع النصيب السنوي للفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال فتره ( 2000-
2009 ) إحدى عشر مره من 500 دولار إلى 5,500 دولار ، وكذا الأمر في تونس وفي ليبيا
. أي أن متوسط الدخل الفردي كان يرتفع باطراد ، وبمعدلات تضاهي أو تزيد على بعض
دول العالم . ومن ثم يستبعد البعض فكرة الحرمان المطلق ، حيث لم تعاني – من وجهة
نظرهم – الشعوب العربية من الحرمان المطلق
الذي قد يدفعها إلى الثورة ، ويستعين هؤلاء بمقولة " جورج هومانز " عن
الحرمان النسبي ( Relative Deprivation ) ، والتي من خلالها يقارن
الناس بين نصيبهم من السلع والخدمات وحظوظ الحياة ، ليس بما كانوا عليه من عشر
سنوات ولكن بما عليه حظ الآخرين خلال نفس المدة وفي نفس البلد ، أو في بلدان قريبه
أو مجاوره .(سعد الدين إبراهيم ،2012،ص ص 92، 93)
3- ذهب
بعض علماء الاجتماع إلى معارضة التصور السابق الذي لا يتبني أو يترك مجال لتفسير
اقتصادي بفعل الثورة في بلدان الربيع
العربي عامة . حيث ذهب "عبد الإله بلقزيز " إلى التأكيد علي أن مجرد
ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان العربية ليس دليل
علي تحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية
في هذه البلدان حيث يرى أن الأرقام والنسب حمالة أوجه . فقد ترتفع معدلات النمو الاقتصادي ، ولكنها
لا تنعكس بالضرورة علي الاقتصاد الاجتماعي للدولة . فلا الناس منها تستفيد ولا
أوضاعهم تتحسن ، ولا يستقيم بنتيجتها توزيع الثروة علي منهج العدالة الاجتماعية والمساواة
. فالواضح في الاقتصاد الاجتماعي لمعظم البلدان العربية أن الهوة بين الغنى والفقر
تتسع بحيث لا يسدها النمو المتراكم في الدخول العامة . بل أن الفقر والاحتياج
يتناميان ويرتبطان ارتباطاً طرديا مع ارتفاع
معدلات النمو التي تحدث عنها البعض . فكلما تطور الأخير تداعي له الفقر و الاحتياج
، فليس من المنطقي أن يستبعد أثر الفقر في الثورة لمجرد أن معدلات النمو الاقتصادي
قد ارتفعت ، لأنه علي الرغم من ارتفاع معدلات النمو فإن معدلات البطالة قد ارتفعت أيضا
، والتهميش والنبذ قد زادت وطأتهما ، كما أن الطبقة الوسطي قد انكمشت في
نطاقه وزادت ضموراً . كما تفككت – في إطار
هذا النمو الزائف – القوى المنتجة في الزراعة والصناعة ، وتضاءل وزنها في ميدان الإنتاج
. كما تضخم تأثير اقتصاد الخدمات الطفيلي ، بما خلق أعباء كثيرة تضاف إلي سلم
الحاجات والضرورات التي يحاصر الفرد في المجتمع العربي .( عبد الإله
بلقزيز،2012،ص،103 ) .
4- بدا الحراك الشعبي المصري اقرب إلي الثورة الشعبية
منه إلي الانتفاضة أو التمرد أو مجرد الاحتجاج العادي ، وخاصة أن الشعارات التي
رفعت ركزت علي إسقاط النظام ، ولكنها لم تتصدي إلي تفاصيل تتعلق بالسياسة الداخلية
أو الخارجية . بدا للوهلة الأولي أن الثورة موجه ضد نظام الفساد والفقر والجوع
والاستئثار وحصر التوريث ، ومع اتساع الحركة الشعبية وجدت القيادة العسكرية نفسها
بين خيارين ، عليها التصدي للشعب لحماية النظام والرئيس ، أو النأي بنفسها عن
المواجهة والتزام الحياد حتى جلاء الصورة
فاختارت الخيار الثاني . (Ahmed
Heshim,2011,p: 283 )
5- لقد ظهر مفهوم شبكات التواصل الاجتماعي وتبلور
قبل ظهور الانترنت ، فهو يعني ارتباط مجموعه من الأشخاص أو المنظمات الاجتماعية
فيما بينها بطرق أو روابط تحدد من خلالها التفاعل الاجتماعي . ولكن مع الإمكانيات
التي قدمها الانترنت عبر شبكته العنكبوتيه المنتشرة والنافذة ،أصبحت الشبكات الاجتماعية
أكثر حضوراً وتأثيراً في الحياة العامة ، وتمكن مستخدموها من نسج علاقات مع دوائر
أوسع من الأشخاص أو نشر معلومات شخصيه أو عامه .( ماتلار ،2005،ص:34)
ولقد تطور وأتسع أفقيا وعموديا دور وسائل
التواصل الاجتماعي الرقمي وتدافعت مواقع التواصل
" الفيسبوك ، تويتر ، اليوتيوب ، إنستجرام وغيرها " لتشكل قوة
إعلاميه شديدة النفاذ في أوساط الشباب بشكل خاص . وأتاحت تلك المواقع الفرصة
ليتحول كل مشترك إلي مصدر لإنتاج المادة الإعلامية واستهلاكها في الوقت ذاته . وقد اتسع نطاقها
وتعددت أساليب عملها ، وأضحت بقوه الو سيله الأكثر تأثيراً في تعبئة الشارع
السياسي والشعبي لأهداف الحراك والسيطرة علي تطوراته . وحدث أن تسيدت وهيمنت وسائل
التواصل الاجتماعي علي ناصية الفعل القيادي والحشد علي أوسع نطاق ، فقد كان
المتظاهرون يحققون تواصلاً مستمراً لتقييم نشاطهم من خلال أجهزة الهاتف المحمول ، والرسائل
النصية ، والتوظيف الواسع لممكنات شبكة الانترنت وخدماتها المختلفة ، وهم بذلك
أضحوا داخل فعالية التغيير الاجتماعي ، ومن المؤثرين باتجاهاتها، والفاعلين في تحديد نتائجها . (صباح ياسين
،2012 ص:268 )
6- إن شبكات التواصل الاجتماعي في زمن الحراك الشعبي
تحولت في طبيعة وإطار استخدامها ، من ميادين التواصل الشخصي لتبادل الأفكار
والمعلومات بين الواقفين علي أطرافها ، إلى أدوات ثورية حقيقية وفاعلة في الشارع السياسي
. واستطاعت ليس فقط أن تسهم في إسقاط
النظام المستبد والقمعي فحسب ، بل أنها حررت نفسها في الوقت ذاته من الأطر التقليدية
، أصبحت اليوم تمثل موقفا سياسياً بامتياز
، وأسهمت في تشكيل قاعدة ما أطلق عليه " هابرماس" ( المجال العام
) من أجل خلق مناخ ديمقراطي حقيقي ، وتحقيق المزيد من التعددية الفاعلة في الإطار
السياسي والمشاركة في صنع القرار ، وأدوات
يحسب حسابها في إطار المساءلة والشفافية والتصدي للفساد بكل أنواعه (القادري،2008:
ص167 ) .
7- رغم
تضيق الأجهزة الأمنية علي الشباب في المجال العام ، وعدم إتاحة قنوات للتواصل معهم
، فإن الشباب في مصر - مثل بقية الشباب في
العالم – تواصل مع نفسه ، وكانت الشبكة العنكبوتيه (الانترنت) خير وسيله لذلك .
فالشاب مع جهاز حاسوبه ، في غرفته بعيداً عن عيون الأمن ، وحتى عن عيون أهله ،
يستطيع أن يفعل ذلك مع الأقربين والأبعدين ويستطيع أن يعبر عن ذاته ومكنوناته
بحريه لم يتمتع بها أي جيل من قبله ، وهذا ما لم ينتبه له جيل الحكام من الكهول
والشيوخ وكانت لديهم فرصه لذلك قبل ثلاث سنوات . ففي عام 2006 ، حينما أحتج الشباب
الإيراني علي قيام آيات الله بتزوير الانتخابات ، فأخمدت حكومة "احمدي نجات
" تلك المظاهرات بمنتهي القسوة ، ولأن الشباب الإيراني كان يتواصل من خلال
الإنترنت للاستمرار في الاحتجاجات ، قامت السلطات الإيرانية بإغلاق شبكه الإنترنت الإيرانية
، فما كان من الشباب المصري إلا أن وضع كل إمكانياته الاتصالية في متناول أقرانهم الإيرانيين
وكان ذلك مؤشراً مبكراً علي نوعيه المشهد السياسي المتغير في المنطقة ، إن لم يكن
في العالم كله ، وهو أن الأجيال الصاعدة حتى وإن بدت "غير مسيسه "
بالمعني الأيديولوجي المعتاد ، فإنها واعية ، وتريد التغيير وفي ذلك تلجأ إلي
أسالب ووسائل جديدة . فالذين بادروا بالتجمع – مثلاً- في ميدان التحرير بالقاهرة
تنادوا علي بعضهم البعض عبر العالم كله علي الإنترنت ، حتى اختاروه يوم (25 يناير
) وهو عيد الشرطة لأنه يوم عطله رسميه ولأنه ذكري مساهمة الشرطة المصرية في النضال
الوطني ضد الاحتلال الانجليزي . ولان الشرطة تحولت مع نظام مبارك إلي أداة قمع فقد كان اختيار الشباب لهذا اليوم ينطوي
علي رموز ومعاني مركبة .
(
سعد الدين إبراهيم ، 2012:ص 97 )
Post a Comment