إيجابيات سلبيات السخانات الشمسية    
يمكن الإيجابيات بما يلي:
1-    تشجيع المواطنين على اقتناء السخانات الشمسية، وتحقيق نفع خاص كبير لهم.
2-    تسهيل تسديد أقساط نصف قيمة السخان الشمسي على مدار أربع سنوات،
3-    تنشيط الصناعة المحلية للسخانات الشمسية وتحقيق النفع الخاص لأصحابها (دون أية رقابة عليها)،
4-    إذا أجرينا دراسة للجدوى الاقتصادية من دعم السخان الشمسي بمقدار النصف نجد أن هذا الدعم مبرر. ويعود السبب في ذلك إلى الفارق الكبير بين سعر ليتر المازوت المدعوم (9 ليرات سورية) وسعره العالمي (55 ليرة سورية).
لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي هل سيبقى دعم الحكومة للمازوت قائماً، حتى ولو ارتفع إلى سعر جديد وإلى متى؟ وهل سيزداد أم سيتناقص السعر العالمي للمازوت في المستقبل؟، وهل الدعم المادي المباشر للسخانات الشمسية هو الآلية المثلى؟.

سلبيات الآلية المقترحة لدعم السخانات الشمسية    
1-    إن قيمة الدعم المقترحة كبيرة بل كبيرة جداً ويمكن أن تكون مغرية للبعض للمتاجرة بالسخان الشمسي، فمثلاً يمكن لشخص الاستفادة من هذه الآلية ومن ثم فك السخان الشمسي وبيعه لمن لم يسمع بهذه الآلية في القطر أو بيعه في الدول المجاورة. فإذا باع سخاناً قيمته 48000 ليرة سورية بنصف القيمة (24 ألف ليرة سورية) يكون هو الرابح لأنه حصل في هذه الحالة على مبلغ نقدي يفك به أزمته وسيسدده على مدار أربع سنوات دون فائدة (بمعدل 500 ليرة سورية شهرياً)، فكيف إذا باعه بسعر أعلى. ولن تنفع أية آلية للتحقق من بقاء السخان في موقعه (مرة واحدة سنوياً مثلاً وعلى مدار عشرين عاماً من عمر السخان الشمسي؟) ومعاقبة الفاعل في حال المخالفة لأنه سيدعي بنقله مثلاً إلى منزل آخر يخصه أو يخص عائلته في المدينة نفسها أو في مدينة أخرى، وإذا تم التحقق من ذلك من قبل لجنة فقد تجد سخاناً شمسياً مركباً قبل صدور القانون المقترح، وإن لم تجد سخاناً شمسياً فهل ستطبق عليه عقوبة السجن؟، أو يدعي مثلاً بإتلافه للسخان الشمسي لتكرار الأعطال فيه فما العمل معه في هذه الحالة. إضافة لذلك، تحتاج الآلية المقترحة إلى كادر نزيه من المهندسين في جميع المحافظات للتأكد من حسن تطبيق إجراءاتها.
2-    إن رأس مال الصندوق المقترح (25 مليار ل.س) كبير للغاية ولا معنى له، إذ بفرض أن السعر الوسطي للسخان الشمسي هو 50 ألف ليرة سورية فهذا يعني أن رأس المال المقترح (25 مليار ليرة سورية) يدعم مليون سخان شمسي (بدعم نصف قيمة السخان)، وإذا أخذنا بعين الاعتبار القدرة التصنيعية المحلية للسخانات الشمسية التي لا تتجاوز في أحسن الحالات 10 آلاف سخان شمسي في العام (وعلى افتراض أن الدعم سيوجه للسخانات الشمسية المصنعة محلياً فقط)، نجد أن رأس المال هذا سيغطي فترة زمنية قدرها 100 عام؟؟؟ أي بمعدل 250 مليون ليرة سورية في العام الواحد (على افتراض ثبات المعدل السنوي لتصنيع السخانات الشمسية)،
3-    عدم استفادة المواطنين المقتنين سابقاً للسخانات الشمسية،
4-    تحقيق نفع عام جزئي من هذه الآلية، والأمثلة هنا عديدة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نسوق الأمثلة الآتية:
أ‌-       ركب أحد المواطنين سخاناً شمسياً ثم سافر مع عائلته للعمل خارج القطر وأغلق منزله، فأين النفع العام في هذه الحالة،
ب‌-  أراد أحد المواطنين المقيمين خارج القطر الاسراع في الاستفادة من فرصة نفاذ القانون وبالتالي تركيب سخان شمسي سيحتاج إليه في المستقبل ولن يؤجل الموضوع لحين عودته النهائية إلى القطر لأنه لا يضمن استمرارية سريان مفعول القانون، فأين النفع العام في هذه الحالة،  
ت‌-  من المعروف أن السخانات الشمسية صغيرة الحجم لا توفر مقداراً ملموساً من الطاقة، ولذا لا تقدم الحكومة الفرنسية دعماً مادياً للسخانات الشمسية التي تقل مساحة اللواقط الشمسية فيها عن أربعة أمتار مربعة. وعلى افتراض أن القانون المقترح سيتيح الدعم للسخانات الشمسية بغض النظر عن حجمها فإن التوفير الحاصل من السخان الشمسي صغير الحجم لا يبرر مقدار الدعم المصروف عليه، بل على العكس يفضل لعائلة صغيرة تسخين حاجتها القليلة من المياه بالكهرباء خارج أوقات الذروة (خلال الليل)،
ث‌-  إذا افترضنا أنه في أول شتاء انفجر أحد الأنابيب في السخان الشمسي بسبب الصقيع ولم يجر إصلاحه وتم هجره من قبل مالكه فما الفائدة من دعمه في هذه الحالة، علماً أنه يوجد العديد من السخانات الشمسية المهجورة على أسطح الأبنية،
ج‌-    في حال عدم لحظ الدعم على المشروعات الكبيرة التي تحتاج لأنظمة ذات دارة قسرية لا يحقق هذا القانون الفائدة المرجوة منه، مع بقاء مشكلة عدم توفر الخبرة في هذا النوع من الأنظمة قائمة وتحتاج لإختصاصيين محليين أو أجانب لترسيخها، وينبغي أن لا يتكرر فشل مشروع الدارة القسرية لتسخين مياه مشفى ابن الوليد بحمص!!!!
ح‌-    إذا فرضنا مثلاً أن الوفر الطاقي الذي يمكن تحقيقه من سخان شمسي متوسط الحجم هو 2000 كيلو واط ساعي في السنة، فإن هذا الرقم لايعكس الواقع العملي لعدة أسباب أهمها: (1) كونه رقماً تقديرياً، (2) خلال الصيف الحار لا يستفاد غالباً من كامل الطاقة الحرارية المنتجة من السخان الشمسي بسبب الرغبة بالاستحمام بدرجة حرارة فاترة، وبالتالي تفقد الحرارة منه عند درجة حرارة عالية، (3) بينما العكس صحيحاً في فصل الشتاء لكن السخان الشمسي لا يؤمن درجة الحرارة الساخنة المطلوبة وبالتالي يستغنى عن استخدام السخان الشمسي وتفقد الحرارة منه عند درجة حرارة منخفضة، (4) يلجأ العديد من المواطنين الذين يعتمدون على التدفئة المركزية إلى الاستغناء كلياً عن السخان الشمسي في فترة الشتاء، (5) عدم الاستخدام اليومي للسخان الشمسي بسبب السفر لفترات زمنية قصيرة أم طويلة، (6) فقد الحرارة بعد كل استخدام (في أنبوب الماء الساخن الممتد بين السخان والمنزل خاصة إذا كان طويلاً)، (7) فقد الماء والحرارة (عند درجة حرارة منخفضة) عندما يتبين للمستخدم عند بدء الاستحمام عدم سخونة الماء بدرجة كافية. لهذه الأسباب ولغيرها أنصح بضرب قيمة الوفر الطاقي (المقدرة من قبل جهة علمية معتمدة) والذي يمكن تحقيقه من السخان الشمسي بمعامل استخدام قدره 75%. يستنج مما سبق ضرورة توخي الحذر حين تقدير الوفر الإجمالي من السخانات الشمسية حين وضع أية آلية لدعمها. 
خ‌-    لا يجوز بأي حال من الأحوال دعم سخان شمسي مردوده السنوي 40% (مثلاً) بنفس المقدار لسخان شمسي مردوده السنوي 20% (مثلاً) وسعرهما متساو.
د‌-     يمكن في أحسن الحالات توفير 20 مليون كيلو واط ساعي سنوياً من 10 آلاف سخان شمسي، وبتقسيم قيمة الدعم على هذه السخانات (250 مليون ليرة سورية بفرض قيمة السخان الواحد 50 ألف ليرة سورية) على هذا الوفر نجد أن نصيب الكيلو واط الساعي من الدعم هو 12.5 ليرة سورية في العام أو 62.5 قرشاً سورياً في العام على مدار العمر الافتراضي للسخان (20 عاماً). لكن بالمقارنة مع طاقة الرياح نجد أن وزارة الكهرباء غير مضطرة لدعم الكيلو واط الساعي المنتج من طاقة الرياح إذ يمكنها شراءه بسعر يقارب تماماً كلفة توليده تقريباً من المحطات الحرارية (شريطة الاستفادة من عائدات بيع غازات الاحتباس الإحراري بموجب آلية التنمية النظيفة المنبثقة عن بروتوكول كيوتو). ففي عام 2006 عرض عليها شراء الكيلو واط الساعي بحوالي 3.8 ليرة سورية، في الوقت الذي كان فيه وسطي كلفة الإنتاج المحلي للكيلو واط الساعي هو 3.7 ليرة سورية. وقد فوتت وزارة الكهرباء هذه الفرصة عليها لأن أسعار وتكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية من المصادر التقليدية ومن طاقة الرياح تضاعفت منذ عام 2006. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الاستطاعة السنوية التركيبية  للعنفات الريحية التي تفوق كثيراً مثيلتها للسخانات الشمسية نجد أن الوفر المحقق من طاقة الرياح (دون دعم أو بدعم جزئي) يفوق بكثير مثيله الذي يمكن تحقيقه من السخانات الشمسية.
يستنتج من هذه الفقرة أن الغاية من الدعم هي الوصول إلى العنب (أي ترشيد استهلاك الطاقة) وليس إلى الناطور لزجه في السجون.

بناء على ما تقدم، يتبين أن إجراءات تنفيذ الألية المقترحة محفوفة بمخاطر عديدة (كالمتاجرة بالسخانات) وتحتاج لتوفر صناعة جاهزة ومتطورة إلى حد ما ولكادر إختصاصي متدرب ولمخابر وأجهزة قياس ميدانية . لذا أقترح بديلاً عنها الآلية أو الآليات الآتية:
1-    توفير قروض دائمة دون فائدة من أحد أو جميع المصارف الحكومية للسخانات الشمسية،
2-    الإسراع بتنفيذ مشروعات تسخين المياه بالطاقة الشمسية في المنشآت والمصانع الحكومية، عن طريق مناقصات محلية وعالمية تشترط تحقيق نسبة للتغطية الشمسية (أي تغطية الحمل من الطاقة الشمسية لا تقل عن 60-75% (حسب الحالة). فعلى سبيل المثال يستهلك معمل الألبان بدمشق حوالي 200 ألف ليتر مازوت سنوياً لتسخين المياه فقط قيمتهم 11 مليون ليرة حسب السعر العالمي.
3-    تشجيع مصانع وورش القطاع الخاص على تسخين المياه بالطاقة الشمسية، عن طريق منحهم قروضاً دون فائدة.
4-    بعد رفع سعر المازوت وتعديل تعرفة الطاقة الكهربائية ازداد الطلب المحلي على السخانات الشمسية، لذا يفضل تأجيل مشروع دعم السخان الشمسي لحين ضبط وتنظيم الصناعة المحلية وتحسين جودة المنتج وتوفير المخابر والكوادر المدربة اللازمة، كما ينبغي تقييم أداء السخانات الشمسية المصنعة من الأنابيب المفرغة والتي سمح باستيرادها من أكثر ثلاث سنوات لينظر في موضوع استمرار السماح باستيراد السخانات الرديئة منها.
5-    ضرورة اعتماد استراتيجة وطنية واضحة ومتكاملة لترشيد استهلاك الطاقة واستثمار الطاقة المتجددة إذ أنه في نهاية الخطة الخمسية العاشرة أي في نهاية عام 2010 ستباع حوامل الطاقة بسعر الكلفة. علماً أنه يوجد العديد من الدراسات والتقارير الموضوعة من قبل خبراء أجانب لم ينفذ منها أي بند.
6-    ضرورة تنفيذ المشروعات الاستعراضية والنموذجية الناجحة للمساعدة في وضع الاستراتيجية.
7-    ضرورة رفد المركز الوطني لبحوث الطاقة بالإختصاصيين وتدريب كوادره في هذا المجال. فهندسة الطاقة الشمسية علم من العلوم الهندسية وليست خزاناً أسود اللون يعطي الماء الساخن لدى تعريضه لأشعة الشمس.
8-    يفتقر قطاع الطاقة في سورية إلى مشرعين جيدين، لذا ينبغي تدريب بعض الكوادر المحلية الجيدة في هذا المجال.
9-    استيراد خط لتصنيع الصفيحة الماصة للاقط الشمسي المسطح الحراري، لكونها تشكل عنق الزجاجة في تصنيع اللاقط الشمسي الحراري. وكم كنت أتمنى لو أن وزارة الصناعة أقدمت على هذا المشروع بدلاً من مشروع اللواقط الكهرضوئية.
10-بدلاً من أن نتخيل بأن إطفاء مصباح واحد في كل منزل لمدة 5 ساعات يومياً يوفر 915 مليون ليرة سنوياً (صحيفة الثورة بتاريخ 12/7/2007)، ينبغي دعم المصابيح الموفرة للطاقة وذلك بتصنيعها محلياً و/أو استيراد الحكومة لها وبيعها في صالات المؤسسة الإستهلاكية بسعر الكلفة أو بدعم بسيط يمكن تغطيته بفرض رسم ضريبي على المصابيح المتوهجة الرخيصة الثمن (مردودها 5% فقط). وقد ورد في صحيفة الثورة بتاريخ 30/6/2008 أن وزارة الكهرباء تعتزم توزيع مليون مصباح موفر للطاقة مجاناً على ذوي الدخل المحدود وهو إجراء جيد بلا شك ولكن ليس بالمجان. ويجب أن لا ننسى هنا أن مصابيح النيون هي موفرة للطاقة أيضاً.
11-                      على اعتبار أن استهلاك الثلاجة المنزلية من الكهرباء يقدر بحوالي 30% من استهلاك المنزل الإجمالي للكهرباء، ينبغي إعداد آلية لتشجيع المصنعين المحلييين للثلاجات على تصنيع ثلاجات موفرة للطاقة وذلك بتخفيض الضرائب مثلاً و/أو إعفاء ضواغط الثلاجات الموفرة للطاقة والمستوردة من الرسوم الجمركية. إضافة لذلك يمكن فرض رسوم جمركية إضافية على الثلاجات المستوردة غير الموفرة للطاقة بحيث تختلف نسبتها باختلاف درجة توفيرها للطاقة.
12-                      في حال توفر الاعتماد المالي، يفضل تحويل الدعم من السخان الشمسي المنزلي (في الوقت الراهن)  إلى الثلاجة المنزلية لأسباب عديدة أهمها: (1) توقع تقرير إدارة الطلب على الطاقة المنفذ من قبل خبير أمريكي بتوفير 106.4 مليار كيلو واط ساعي في عام 2010 من جراء توفير الطاقة من الثلاجات المنزلية، (2) تبين من خلال الاختبارات المنفذة على عينات مختلفة من الثلاجات المصنعة محلياً أن وسطي استهلاك الثلاجة السورية هو 785 كيلو واط ساعي في السنة وأن العدد الإجمالي التقديري للثلاجات في القطر يستهلك 8.5% من إنتاج القطر من الكهرباء، (3) إن تخفيض وسطي استهلاك الثلاجة السورية إلى 600 كيلو واط ساعي في السنة مثلاً يؤدي إلى توفير 2-3% من إنتاج القطر من الكهرباء، (4) إن الوفر المحقق من الثلاجات كفوءة الاستهلاك للطاقة مضمون وبنسبة عالية.
13-                      تركيز جهود وزارة الكهرباء على طاقة الرياح بغرض الاستفادة من آلية التنمية النظيفة المنبثقة عن بروتوكول كيوتو (قبل توقف العمل بها في عام 2012)، إذ أن عائدات هذه الآلية من طاقة الرياح تفوق بكثير مثيلاتها من الطاقة الشمسية.
14-                      أخيراً وليس آخراً ينبغي التفكير جدياً بدمج وزارتي النفط والكهرباء بوزارة واحدة تحمل اسم وزارة الطاقة تعنى بالسياسات والاستراتيجيات وتحرير أسعار الطاقة وإدماج القطاع الخاص في شؤون الطاقة بدلاً من إدارة وتسيير أعمال المؤسسات والشركات التي يمكن أن تتحمل مسؤولياتها لوحدها.

Post a Comment

Previous Post Next Post