تغير المجتمع
يواجه المجتمع العديد
من التغيرات الاجتماعية كالزيادة السكانية والتغيرات الاقتصادية التى أدت إلى ظهور
العديد من الانحرافات والمشاكل، كالعنف وإدمان المخدرات والتعصب والسلبية
واللامبالاة، وعدم
قدرة العديد من المؤسسات الاجتماعية على القيام بدورها فى الضبط
الاجتماعى, كالأسرة, والمدرسة, ودور العبادة ,والنوادى الاجتماعية ..إلخ, التى تعد
صاحبة دور رئيس فى إكساب الشباب ثقافة مجتمعهم من قيم وعادات وتقاليد0
وإذا نظرنا إلى
الواقع فسنجد أن العالم كله يعانى من الزيادة الكبيرة فى عدد السكان، بل يزداد
الأمر أكثر على مستوى الدول النامية، وهذا واضح عندنا فى المجتمع المصرى، وحذر
الخبراء العالميون من هذه الزيادة0
وقد وصل معدل
نمو السكان فى العالم خلال الثلاثين سنة الأخيرة حتى الآن إلى 2% زيادة سنوية، ثم
تباطأ هذا المعدل فوصل إلى 1.5% فى السنة أثناء فترة التسعينات، فالعدد المطلق
لسكان العالم ارتفع من 3.7 مليار نسمة عام 1970م إلى 5.7 مليار نسمة عام 1995م،
وسيصل هذا العدد عام 2050 إلى 9.8 مليار نسمة ولكن سيثبت عند 11 مليار نسمة عام
2150م"(65)، وسيكون 95% من مجمل الزيادة العالمية فى السكان حتى
عام 2025م متمركزة فى البلاد النامية"(66)، وهذا ما نلاحظه فى مصر
باعتبارها إحدى الدول النامية، حيث يزداد معدل النمو السكان سنوياً، وبالتالى تدخل
مصر ضمن مواطن الخطر السكانى فى العالم، وقد ترتب على تلك الزيادة السكانية نتائج
كثيرة منها : زيادة حدة الفقر مما هى عليه الآن، حيث ستكون قدرة الناس فى الحصول
على الطعام وغيره من ضرورات الحياة ليست أفضل من الآن، بل أسوأ لكثير من الناس،
الأمر الذى أدى إلى زيادة التفاوت الطبقى، مما ترتب عليه وجود فئات دنيا تعانى
أوضاعاً اقتصادية واجتماعية متدنية، وبالتالى حدث تغير كبير فى النسق القيمى لدى
هذه الفئة من الشباب، حيث اتجهت تلك الفئة للبحث عن وسائل أخرى للعيش، لأن عملها الذي
تقوم به لا يكفيها، فصار العمل المنتج فى ظل هذه الظروف يمثل مزيداً من الشعور
بوطأة الحرمان بسبب عدم قدرته على مجاراة الآخرين فى العيش، فتحولت قيمة العمل
المنتج إلى قيمة سلبية تمثلت فى قيم الربح السريع أو الثراء على حساب الآخرين بدون
مجهود، أو بعمل غير شرعى كالرشوة والسرقة والوصولية والوساطة والمحسوبية والتهرب
من الضرائب والنظر لأفراد المجتمع نظرة نفعية أى وفقاً للمكاسب التى يحققونها من
وراء التعامل معهم"(67)، أما الفئة الأخرى الغنية فقد اعتنقت قيم
البذخ والإسراف والاعتداء على البيئة0
كما أدت تلك الزيادة السكانية الكبيرة إلى تزايد
الهجرة من الريف إلى المدن الكبرى فأثرت الهجرة على نسق القيم الاجتماعية لدى
الشباب حيث أدى ذلك إلى انتشار الأعمال المنحرفة كالسرقات وأعمال النصب وزيادة
العبء على مرافق المدن وبالتالى سوء حالتها، وقد أثرت كل هذه التغيرات على الشباب
ما أدى إلى شعوره بالإحباط وفقدان الثقة بالنفس والقدرة على تحقيق الذات، وفقدان
الثقة بالمجتمع الأمر الذى عرض هذا الشباب للانحراف السلوكى أو على الأقل لجوء
الشباب للانطواء والانغلاق على النفس لاعتقاده بعجز المجتمع عن مواجهة
مشكلاته" (68)0
ومن أخطر نتائج
هذه الزيادة السكانية: ظهور العشوائيات فى العديد من المناطق مثل مدن الصفيح التى
انتشرت فى العديد من المدن الكبرى وخاصة القاهرة، وقد نتج عن ذلك تزايد معدلات
البطالة وتكريس الفردية نتيجة تفكك البنى الأسرية وانخراط شباب هذه المناطق فى
قطاعات الاقتصاد الأسود كالمخدرات والدعارة والتهريب وغيرها، كما تفاقم الشعور
باللامبالاة والعداء تجاه الدولة وأجهزتها المختلفة نتيجة افتقاد أهل هذه المناطق
للأمان، وصار ينتشر بين شباب هذه المناطق ما يمكن أن يسمى العنف الوظيفى أو
الارتزاقى وهو البلطجة، وقدرت حوادث العنف المجتمعى الخاص بالبلطجة عام 1998
بحوالى 5000 حادث، كانت المناطق العشوائية والهامشية مسئولة عن 70% منها على الأقل
(69)0
كما أن الزيادة
السكانية الكبيرة التى تعيشها مصر أدت إلى حدوث تغييرات كبيرة فى الأسرة المصرية
مثل هجرة الأب للعمل وبروز دور الأم على كافة المستويات وبالتالى غياب دور الأب،
بالإضافة إلى الاستقلالية الاقتصادية للمرأة التى دفعتها لعدم الاعتماد –بصورة
رئيسية- علي الرجل كما كان في السلبق, الأمر الذى انعكس على الشباب فافتقد كثيراُ من
قيمه الشرقية الأصيلة, كالحب, والولاء, والغيرة ,والخوف على أفراد أسرته، بل صارت
المنفعة الذاتية هى المحرك الأساسى لسلوكه داخل الأسرة، كما ظهرت قيم دخيلة أمام
الشباب رأوها من العلاقة بين الأبوين مثل الطلاق الاقتصادى وهو امتناع الزوج عن
الإنفاق على الأسرة لرفضه لسلوك الأسرة، فتضطر الزوجة للانحراف للإنفاق على
أسرتها، ، كل هذه الأمور انعكست آثارها على تنشئة الشباب ,حيث صار الزواج بالنسبة
لهم مقروناً بالخيانة والخداع والتوتر والنفور، وانهيار مكانة الآباء فى أذهانهم0
إرسال تعليق