معركة ظهر الحجة:
ظهر الحجة جبل يقع شمال قرية صوريف، وهي إحدى قرى الخليل.
كانت مستعمرة كفار عتصيون مركز تهديد للمسافرين العرب بين بيت لحم والخليل. وفي ذات اليوم الذي  أخلت بريطانيا مراكز البوليس من الجنود في جبل الخليل (13/1/1948)، أطلقت النار من مستعمرة كفار عتصيون على سيارة القنصل العراقي وهو في طريقه إلى الخليل؛ فهب أبناء الخليل والقرى المجاورة، ومعهم أفراد من القدس والسبع، وهاجموا المستوطنة؛ ولكن الاقتحام فشل؛ لأن الهجوم كان بناء على العواطف ويفتقر إلى خطة عسكرية؛ وكانت النتيجة أن استشهد 14 من المهاجمين وجرح 24.
في 16/1/1948 تصدى سكان صوريف لقوة صهيونية متجهة إلى كفار عتصيون؛ فاعتصم من في القوة الصهيونية بجبل الحجة، وطوق المناضلون الجبل وأخذوا يقتحمونه حتى أبادوا القوة الصهيونية عن بكرة أبيها؛ واستشهد خمسة مناضلين في هذه المعركة؛ فيما ذكرت تقارير صهيونية لاحقة أن قتلاهم بلغوا 35 قتيلاً نشرت أسماؤهم في صحيفة حيروزالم بوست.

في 18/1 جاءت قافلة صهيونية لنقل جثث القتلى؛ فتصدى لها المناضلون واشتبكوا معها لمدة 7 ساعات؛ فارتدت القافلة على أعقابها، واستشهد 3 مناضلين؛ وقتل 13 صهيونياً؛ وتدخلت حكومة الانتداب، ونقلت جثث القتلى في معركة ظهر الحجة.
بعد هذه المعركة انقسم الرأي العام في إسرائيل حول ضرورة إبقاء المستوطنات البعيدة؛ لكن هذه المستوطنات بقيت حتى تم تدميرها تدميراً كاملاً بين 10 و13/5/1948 من قبل حرس القوافل في الجيش الأردني، بمشاركة أبناء الخليل.  واقتيد الأسرى إلى معسكر اعتقال الأسرى.

معركة خربة اللحم:
تقع خربة اللحم بين قرية قطنة وقرية بيت عنان قضاء القدس.
في صباح يوم 26/5/1948، قامت سرية من الجيش الأردني باحتلال معسكر للرادار مقابل مستوطنة الخمس، وتمركزت فيه؛ وكانت بقية الكتيبة التي تتبع لها السرية متواجدة في القرى المحيطة؛ لهدف منع تقدم القوات الإسرائيلية وتهديد الطريق الرئيس رام الله/ القدس.  رام الله / اللطرون. 
في أوائل الهدنة الأولى، استلمت كتيبة المشاة الخامسة المواقع المذكورة؛ وفي يوم 9/7/1948م استؤنف القتال؛ فعاد الإسرائيليون يركزون هجماتهم على مواقع الجيش الأردني في اللطرون وباب الواد. 
وفي صباح 17/7/1948، تقدمت مجموعة من الإسرائيليين باتجاه موقع الرادار؛ فتصدى لها أهالي بيت عنان؛ فقتلت اثنين منهم. وحينما وصل الخبر إلى خربة اللحم، تصدى للمجموعة الإسرائيلية مناضلون من القرى المجاورة بقيادة فخرى إسماعيل.  ودارت الاشتباكات بين الفريقين؛ فأرسل فخري إسماعيل طلباً للنجدة إلى الكتيبة الأردنية؛ فأرسلت فئة مشاة بمدفع هاون ورشاشات لمساندة المناضلين.
أطبق المناضلون على القوة الإسرائيلية في خربة اللحم، واقتحموا مواقعها، وخلال ساعات أبادوا معظم أفرادها، وفر الباقون؛ واستشهد مناضل واحد وجرح 3 آخرون.

معركة الدهيشة:
نتيجة للحراسة المشددة من “الهاغاناة” والجيش البريطاني؛ تمكن الصهاينة من تمرير قافلة كبيرة من الساحل إلى القدس مساء 27/3/1948، وجهزوا قافلة مكونة من 100 سيارة شحن و19 مصفحة وجرافة وخمسة باصات، مع قوة من الهاغاناه مسلحة بالرشاشات والبنادق ومدافع الهاون والقنابل اليدوية؛ وذلك لنقل هذه القافلة إلى مستعمرة كفار عتصيون على طريق القدس الخليل.
وصلت القافلة إلى كفار عتصيون في 28/3/1948 وأحاطت بقوات الجهاد المقدس؛ علماً بأن هذه القافلة ستعود إلى القدس صباح 29/3/1948؛ فتم حشد قوات كبيرة من المجاهدين بقيادة كامل عريقات نائب قائد الجيش؛ وكمن المجاهدون على جوانب الطريق في المنطقة بين برك سليمان والدهيشة، وجرى تجهيز الألغام وإقامة الحواجز.
تابعت القافلة سيرها إلى أن وصلت إلى الكمين؛ فانقض عليها المجاهدون من جميع الجهات؛ كما قاموا بقطع طريق العودة عليها.  وحين حاولت الدبابات شق طريقها إلى الأمام تصدر للمصفحة الأمامية المناضل يوسف الرشماوي بقنبلة عطلت المصحفة وأوقفتها، واستشهد يوسف.
 وبعد أن ضيق المجاهدون الخناق على القافلة الصهيونية؛ أخذت الطائرات تحاول مساعدة القافلة؛ فألقت بعض المؤن والذخائر؛ لكن معظمها وقع في أيدي المجاهدين. 
وفي ساعات المساء أقبلت نجدات للمجاهدين من بيت ساحور وبيت جالا وبيت لحم والخليل والتعامرة؛ وظل القتال محتدماً بعد أن تسلل الصهاينة إلى داخل بناية "النبي دانيال".
وفي صباح 30/3 طلب المجاهدون من الصهاينة الاستسلام؛ وطلبت القيادة الصهيونية من البريطانيين والصليب الأحمر التدخل؛ ولكن البريطانيين رفضوا، وأرسلوا عارف العارف وعيسى البندك؛ لإقناع المجاهدين بالسماح للصهاينة المحاصرين بالمغادرة؛ لكن القائد كامل عريقات رفض وأصر على استسلامهم. 
وجاءت قوة بريطانية على رأسها الكولونيل هاربر لنجدة الصهاينة؛ لكن المجاهدين فجروا الألغام في طريقها فعادت إلى القدس.
وفشلت مفرزة بريطانية أخرى في الوصول إلى المكان، وجاء هاربر مع ممثل الصليب الأحمر، وتفاوضوا مع عريقات الذي أصر على استسلامهم؛ فجرى اتصال لاسلكي بالمفتي أمين الحسيني الذي أجاب بأن العرب يكتفون بأن يسلم الصهاينة جميع أسلحتهم ثم يتولى الصليب الأحمر نقلهم إلى القدس.
عرض عريقات اقتراح المفتي على الكولونيل الذي لم يجد بدًا من القبول؛ وفعلاً ألقى الصهاينة أسلحتهم كاملة؛ وسلمت إلى عريقات مع المصفحات التي لم تحرق.  وحضرت سيارات من القدس لنقل الصهاينة تحت إشراف البريطانيين والصليب الأحمر.
استشهد في هذه المعركة ثلاثة مجاهدين؛ أما خسائر الصهاينة فكانت 15 قتيلاً وعشرات الجرحى و16 أسيراً، سلموا إلى الجيش البريطاني والصليب الأحمر؛ وغنم المجاهدون 3 مصفحات و8 سيارات سحب، 30 سيارة شحن وحافلة.

معارك جبل الرادار:
جبل الرادار سمي بهذا الاسم؛ لأن الجيش البريطاني أقام فيه موقعاً للرادار.  ويقع الجبل على طريق القدس- تل أبيب؛ بجوار مستعمرة "معاليه ميشاه". وقد كان من يحتل هذا الجبل، يتمكن من السيطرة سيطرة تامة على طريق القدس- تل أبيب. 
وفي ليلة 28/4/1948 شن الصهاينة هجوماً واسعاً على مرتفعات شمال القدس، ومن ضمنها جبل الرادار؛ فقامت باحتلاله؛ إضافة إلى احتلال قريتي بيت أكسا وبيت سوريك، إلى مشارف قرية بدو؛ وكادت تسيطر على مقام النبي صمويل؛ وهنا هب المناضلون من بدو القوى المجاورة للتصدي بعنف للقوة المهاجمة.
واستمرت المعركة طوال الليل، واشترك فيها فوج اليرموك الثالث التابع لجيش الإنقاذ بقيادة عبد الحميد الراوي، الذي شن الراوي هجوماً معاكساً على المواقع التي احتلها الصهاينة؛ فأجبرهم على التراجع بعد أن تكبدوا 185 قتيلاً.
استولى فوج اليرموك على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر، واسترد العرب سيطرتهم على الطريق الرئيس، ومنعوا التحركات الصهيونية عليها. 
وفي شهر 5/1948 عاود الصهاينة الكرة بمرافقة الطيران؛ لكن الهجوم أخفق مجدداً.

معركة رأس العين:
رأس العين قرية إلى الشمال من القدس على بعد 60كم منها، تميزت بعذوبة مياهها.  تمركز في رأس العين 500 جندي من جيش الإنقاذ في 8/3/1948، وطردوا الموظفين الصهاينة من مؤسسة المياه، واستبدلوهم بموظفين عرب.
وعندما سقطت دير ياسين والقسطل بيد الصهاينة أوائل نيسان 1948؛ قرر المناضلون نسف الأنابيب التي توصل مياه رأس العين إلى الأحياء اليهودية في القدس، ودمروها عند باب الواد؛ ما نتج عنه تضرر الأحياء اليهودية ودوائر الحكومة وقوات الجيش البريطاني في القدس.  وأخذت الهيئات الصهيونية توزع الماء على السكان اليهود من الآبار والصهاريج.
وبعد سقوط يافا في 17/5/1948، دمر العرب الأنابيب في 4 مواضع أخرى؛ كي لا يصل إليها الصهاينة ويستولوا عليها؛ لكن محاولات الصهاينة استمرت للاستيلاء على رأس العين؛ ودارت حولها معارك عنيفة كان أشدها تلك التي وقعت في آخر ثلاثة أيام من أيار.
تمكن الصهاينة يوم 30/ أيار من الاستيلاء على رأس العين؛ ولكن في صباح 31/5 هب المناضلون من القرى المجاورة لرأس العين لنجدة الشيخ حسن سلامة (قائد القطاع الأوسط)؛ فشنوا هجوماً مضاداً كاسحاً على مراكز العدو في رأس العين، وأصيب الشيخ حسن سلامة وظل رجاله يقاتلون حتى طردوا الصهاينة من رأس العين بعد ساعات فقط على احتلالها.
أعاد الصهاينة تنظيم قواتهم بهجوم مضاد، وفشل الهجوم وعادوا أدراجهم.
وفي يوم 1/6/1948 استلمت قوة عراقية الموقع؛ فتراجع الصهاينة دون أن يشتبكوا معها.
ظلت راس العين بيد العراقيين حتى سقوط اللد والرملة؛ فانسحبت هذه القوات من مواقعها.

معركة بيت داراس:
تقع بيت داراس على طريق تربط مجموعة من المستعمرات؛ لذا فقد كانت تتعرض للكثير من الهجمات، مثل: هجوم 16/3/1948، و13/4/1948...  الخ.
في 1/5/1948 وصلت قوة من المستعمرات المجاورة للقرية، وبدأت بقصف القرية من الخارج؛ تمهيداً لمهاجمتها، ثم تحركت القوة؛ فاحتلت مدرسة القرية؛ فيما كانت قذائف الهاون تقصف شرقي القرية. 
انسحبت الموجة الأولى من الهجوم؛ لاستبسال المدافعين في الدفاع عن القرية؛ ولكن بعد أن تكبدت القوة المهاجمة بعض الخسائر، ووصلت نجدات من القرى المجاورة إلى بيت داراس، وحاولوا مطاردة المعتدين الهاربين الذين استنجدوا بالجيش البريطاني؛ فجاءت 3 مصفحات منعت العرب من مطاردة الفارين.
بعد 3 أسابيع هاجم الصهاينة القرية مرة أخرى في 21/5/1948 من جهاتها الأربع؛ وبدأت القوى المهاجمة بقصف القرية.  شعر المناضلون بحرج الموقف؛ فقرروا الصمود وإخلاء القرية من النساء والشيوخ والأطفال.  وتحرك هؤلاء عبر جنوب القرية؛ وما أن بلغوا مشارفها حتى تصدى لهم الصهاينة بالرصاص، ليضيفوا مذبحة جديدة إلى قائمتهم.
قام الصهاينة بإحراق بيادر القرية وبعض منازلها؛ ونسفوا البعض الآخر؛ ورغم ذلك؛ فقد استبسل المدافعون عن القرية، حتى نجحوا في رد المعتدين وإخراجهم من بيت داراس.
أثرت المذبحة على المعنويات، ونفاد الذخيرة كذلك؛ فبدأ الناس يغادرون القرية، ماعدا القليل منهم.  ورغم ذلك لم يدخل الصهاينة القرية إلا بعد أن تأكدوا من عدم وجود مقاومة، وكان ذلك يوم 5/6/1948.

معركة الزرّاعة:
طلب فوزي القاوفجي (قائد جيش الإنقاذ) من المقدم محمد صفا "السوري" أن يقوم بالهجوم على إحدى المستعمرات في المنطقة الوسطى؛ لتغطية عبور قوات أخرى من جيش الإنقاذ تحمل معدات ثقيلة.  اختار محمد صفا مستعمرة الزراعة جنوب شرق بيسان، ويطلق عليها الصهاينة مستوطنة "طيرة تسفي"؛ وأهميتها تكمن في وجود محطة لتوليد الكهرباء داخلها وآلات ضخ المياه وبرك لتربية الأسماك.  وكانت محصنة تحصيناً جيداً؛ فعدا عن الخنادق والأبراج التي أقيمت فيها؛ أحيطت بالأسلاك الشائكة.  وتم تجهيز برك تربية الأسماك لتطلق مياهها في خنادق مجهزة لذلك بغرض الدفاع عن المستوطنة.
كان غور بيسان قد تحول إلى ما يشبه المستنفع بعد شهر من الأمطار المستمرة؛ فانتهز محمد صفا تحسن الجو ليلة 16-17/2/1948 لتنفيذ العملية؛ وكانت الخطة تقضي بالتظاهر بالهجوم على مستوطنتين متجاورتين لتغطية العملية الأساسية.
بدأ الهجوم عند منتصف الليل، وكان مفاجأة للصهاينة.  وبعد البدء بقليل عاد المطر ليتساقط بشدة؛ فقطع المجاهدون الأسلاك، وتراجع الصهاينة. 
وعند الفجر، حاول المغاوير تفجير برج المراقبة، ولم يفلحوا بسبب المطر؛ ولكن المشاة تقدموا ودمروا بعض بيوت المستوطنة تحت غطاء المدفعية؛ ففتحت عليهم البرك وغمرت الخنادق فلم يستطع المناضلون التقدم؛ ورغم ذلك؛ اشتبكوا في قتال عنيف مع مواقع العدو، وازدادت فيهم الإصابات بعد وصول نجدات صهيونية، خصوصاً وهم يغوصون في الوحل إلى الركبة.
أصدر القائد أمراً بالانسحاب؛ فانسحبت فوج اليرموك بعد أن خسر 37 شهيداً وعدداً من الجرحى؛ أما الصهاينة فقد قتل منهم 112 قتيلاً.  ولم تحقق هذه المعركة هدفها.

معارك سلمة:
سلمة قرية محاطة بالمستعمرات الصهيونية، تقع على طريق يافا- اللد، التي كانت التي كانت تسلكها القوات البريطانية من وإلى معسكر ليتفنسكي.
منذ 1/12/1947 والصهاينة يتحرشون بأهالي سلمة؛ حيث اعتدى سكان هتيكفا على مزارع عربية؛ فما كان من شبان سلمة إلا الرد بقتل اثنين من الصهاينة في نفس اليوم والمكان.
وتحسباً للرد؛ انتخب أهالي سلمة لجنة من 7 أعضاء كانت مهمتها تنظيم شؤون الدفاع وأمور الحراسة على أطراف القرية؛ وجمعوا السلاح والذخيرة من القرى المجاورة؛ ولهذا لم يحاول الصهاينة مهاجمة القرية؛ لعلمهم باستعداد القرية الجيد؛ ولكن بدلاً من الهجوم المباشر بدأوا بقصفها يومياً؛ لكن سكان سلمة رفضوا مغادرتها، بل أخذوا يردون على النيران بالمثل.
وفي يوم 18/12/1947، ارتكب الصهاينة مجزرة في قرية يازور المجاورة؛ لكنهم كانوا يرتدون زي الجيش البريطاني؛ فخشي سكان سلمة أن يتكرر الأمر معهم؛ فطلبوا من اللواء تدخله لمنع وحدات الجيش البريطاني من المرور في قريتهم؛ فادعى عدم قدرته على فرض رأيه على الجيش.
وبعد يومين مرت سيارة نقل بريطانية فهاجمها المناضلون وأحرقوها وجرحوا سائقها واستولوا على سلاحه؛ فغضب القائد العسكري البريطاني، وتوجه بقوة كبيرة إلى القرية، مطالباً بإعادة ببندقية السائق، ودفع خمسة آلاف جنيه، تعويضًا عن جرح السائق وحرق الشاحنة.  ولما رفض الأهالي الاستجابة، اعتقل بعضهم؛ وفيهم لجنة الدفاع.  وبعد مفاوضات طويلة، وافقت السلطات العسكرية على قطع طريق يافا وإطلاق سراح المعتقلين؛ وزرعت أعمدة أسمنتية حول القرية؛ بحجة ضمان قطع الطريق؛ وهي في الواقع، لمنع أي إمدادات قد تصل إليها من القرى المجاورة.
شن الصهاينة هجوماً قوياً بمجرد مغادرة البريطانيين؛ فتصدى لهم الأهالي وكبدوهم خسائر فادحة؛ فأجبروا على التراجع؛ لكن المفاجأة كانت أن هناك هجومًا آخر من شمالي للقرية؛ إلا أن مناضلي سلمة استطاعوا صد الهجوم، وقاموا في الليلة نفسها بهجوم معاكس على مستوطنة هيتكفا، وأشعلوا النار في بعض المنازل؛ ففر سكان المستوطنة تاركين 26 طفلاً وراءهم، سلمهم المجاهدون للسلطات البريطانية.
جاءت قوات جديدة لنجدة هتيكفا، ووصل مناضلون من اللد والعباسية لنجدة سلمة؛ فطاردوا الصهاينة حتى مشارف تل أبيب، وأحرقوا بعض منازل مستعمرة "شابيرو"؛ فتدخلت السلطات البريطانية، وأجبرت المناضلين على التراجع، بعد طلب من رئيس بلدية تل أبيب.  وأحاطت القوات البريطانية بسلمة من كل جانب بدعوة الفصل بينها وبين المستعمرات المجاورة؛ فاستغل الصهاينة الظرف لتحصين مستعمراتهم.  ولما انتهوا من التحصين انسحبت القوات البريطانية.

تمكن سكان سلمة من الصمود حتى أواسط نيسان 1948؛ وظلوا يقاومون حتى نفدت ذخيرتهم، ووصلهم خبر سقوط يافا 28/4/1948؛ فبدأوا في مغادرة القرية، ولم يجرؤ الصهاينة على دخول القرية إلا بعد أيام من هجرة أهاليها.

معارك الشجرة:
الشجرة قرية تقع بين الناصرة وطبريا، شكلت عقدة مواصلات حيوية لطرفي الصراع من الأساس.
في 9/6/1948 احتل الصهاينة مجموعة من القرى أدت إلى عزل مدينة الناصرة؛ فقام قائد جيش الإنقاذ بتجهيز جيش حطين؛ بقصد القضاء على القوات الصهيونية في منطقة الشجرة.  وبدأ الهجوم يوم 10/6؛ فقد اندفع المشاة بمساندة المدفعية والمصفحات؛ ولكن القوات العربية منيت بخسائر كبيرة؛ لمرورهم في أرض مكشوفة للنيران الإسرائيلية.
جذب صوت المدفعية المجاهدين من كل المناطق المجاورة، وكان هجومهم عنيفاً وسريعاً؛ فبدأت قوات الصهاينة بالانسحاب باتجاه قرية الشجرة؛ وطاردتها القوات العربية، وقصفت مستعمرة الشجرة بالمدفعية.  ودخلت القوات العربية الناصرة؛ ولكن في هذه الأثناء توقف إطلاق النار بعد إعلان الهدنة الأولى.
قامت القوات الصهيونية بمهاجمة قرية الشجرة وقرى أخرى أثناء الهدنة؛ لكن قوات جيش الإنقاذ أحبطت الهجوم في 11/6، وقام الصهاينة باحتلال خربة راس علي يوم 20/6؛ لكن هجوماً مضاداً من جيش الإنقاذ استطاع إخراجهم منها.
صباح 8/7/1948، بادر الصهاينة بالهجوم؛ وقد انتهت الهدنة، واحتدمت المعركة في الشجرة.  ولأول مرة ظهر الطيران الحربي الإسرائيلي، وكذلك المدفعية الثقيلة.
استمرت المعركة دون انقطاع، وبدأت الذخائر تتناقض بسرعة في أيدي القوات العربية، وأخذ الصهاينة يصعدون جبهة الشجرة.  وكان انسحاب القوات العربية من الشجرة يعني سقوط الناصرة؛ لذا قام جيش الإنقاذ بمحاولة يائسة زج فيها جميع قطاعاته، تمثلت في الهجوم على قاعدة الشجرة للإفادة مما يتوفر فيها من عتاد وأسلحة، وذلك ليل 13/7/1948.
تقدمت القوات العربية حتى الشجرة وسط كثافة نيران هائلة؛ لكنهم استولوا على الشجرة يوم 13/7/1948 بعد أن تكبدوا خسائر فادحة.
أعاد الصهاينة تنظيم أنفسهم، وهاجموا من كفر سبت في نفس اليوم 13/7.  ورغم ارتفاع عدد الشهداء؛ إلا أن العرب استطاعوا في 15/7 استرجاع قرية تل التين. 
وما لبثت الناصرة أن سقطت في يد الإسرائيليين، 16/7؛ ما هدد بتطويق جيش الإنقاذ، الذي انسحب بغطاء من فرقة يمنية وفرقة بدوية يوم 18/7.  وتوقف القتال يوم 19/7/1948؛ بسبب من الهدنة الثانية.

معركة شعفاط
 في  24/3/1948قام المناضلون من جيش الجهاد المقدس بالهجوم على قافلة صهيونية عند منطقة شعفاط، تحمل الإمدادات من القدس إلى مستوطنة النبي يعقوب، وتحميها مصفحتان.

توقفت القافلة؛ فتوافد إلى المكان مناضلون من القدس والقرى المجاورة، واقتحموا سيارات القافلة وقتلوا 14 صهيونياً وجرحوا 10 منهم، كما قاموا بإحراق المصحفتين والاستيلاء على الأسلحة التي كانت فيهما.
صادف الحادث مرور الجنرال ماكميلان (قائد القوات البريطانية ) وغلوب باشا وأحمد صدقي الجندي؛ فتدخلوا لوقف المعركة؛ فأبقي المناضلون على حياة الستة الباقين من القافلة وسمحوا بإخلاء الجرحى.
شارك في هذه المعركة ثلاثة من قادة ثورة 1936-1939، وأشرف عليها عبد القادر الحسيني.  وقد جرح من العرب في هذه المعركة اثنان فقط.

معارك الشيخ جروح:
حي الشيخ جروح من الأحياء العربية في القدس، وكان الصهاينة يعتمدون على الخط المار بالحي لإيصال إمدادات الأسلحة إلى يهود القدس والمستعمرات شمالها؛ وبسبب هذا الموقع؛ شهد حي الشيخ جروح الكثير من المعارك بين العرب والقوات الصهيونية.
بسبب تعرض القوافل الصهيونية للهجوم؛ أقام البريطانيون موقعاً يسيطر على الشيخ جروح.  وفي 13/4/1948 فجَّر عناصر من جيش الجهاد المقدس ألغامًا تحت قافلة صهيونية؛ فدمروا سيارتين وفتلوا 38 صهيونياً؛ انتقاماً لمصرع قائدهم (عبد القادر الحسيني) قبل أسبوع؛ فتحرك البريطانيون لمساعدة القافلة؛ فسمع المجاهدون في أنحاء القدس؛ فتوافدوا إلى حي الشيخ جروح ليخوضوا معركة ضد الصهاينة والبريطانيين معاً.
شعر الصهاينة بقوة الهجوم؛ فطلبوا الاستسلام وإلقاء السلاح؛ فوافق المجاهدون على ذلك وأرسلوا مندوباً لإبلاغهم بالشروط؛ لكن الصهاينة قتلوا المندوب العربي؛ فتجدد القتال بعنف أكبر، واستمر حتى ساعات المساء، وقتل من الصهاينة 120 صهيونياً؛ وخسر الجيش البريطاني ستة جنود بين قتيل وجريح؛ ولم ينج من القافلة إلا 8 أشخاص؛ بينما خسر المجاهدون 12 شهيداً. 
وفي 18/4 استولى المجاهدون على مستشفى أوغستا فكتوريا في جبل المكبر وقرية العيسوية، قرب الجامعة العبرية والمدينة القديمة؛ فطلب القائد الصهيوني الدعم؛ فحركت “الهاغاناة” لواء "هاريل"، وانطلقت قافلة من 350 سيارة إلى القدس بقيادة ديفيد بن غوريون، ووقعت القافلة في كمين عربي؛ لكنها استطاعت المرور بعد عدة ساعات من قدوم نجدة كبيرة لها.
في 24/4 هاجم الصهاينة حي الشيخ جروح، ووقعت معركة استمرت طوال الليل، وتراجع المهاجمون؛ نتيجة شجاعة المدافعين.
استمرت معارك الشيخ جروح حتى بعد انسحاب القوات البريطانية من القدس في 13/5/1948، أهمها المعركة التي جرت يوم 19/5/1948 والتي استطاع المجاهدون فيها مع بقية من جيش الإنقاذ منع القدس من السقوط الكامل في يد الصهاينة.
حاولت القوات الإسرائيلية بعد ذلك اختراق حي الشيخ جروح والاستيلاء عليه؛ لكن محاولاتها فشلت؛ ما اضطرها لشق طرق بديلة بعيداً عنه.

معركة الصبيح:
الصبيح عشيرة تقيم بين كفر كنّا والناصرة وقرية الشجرة، وقد حدث اشتباك مع 8 رجال من أبناء هذه العشيرة في  3/1/1948، كانت نتيجة مقتل 7 صهاينة وفرار الباقين؛ فأصدرت “الهاغاناة” أمرها للمستعمرات المجاورة بالهجوم على العرب؛ لسحب القتلى الصهاينة؛ فشعر رجال عشيرة الصبيح بالأمر؛ ما جعلهم يطلبون النجدة من القرى المجاورة.
بدأ الصهاينة المعركة في مساء ذلك اليوم بإطلاق المدافع لساعتين، ثم بالهجوم، مستخدمين السيارات والجرافات، لغزارة الأمطار وكثرة الوحول. وكان العرب يكمنون لهم.  ولما صار الصهاينة في مرمى نيرانهم فتحوا عليهم النار؛ فبدأوا يفرون باتجاه المستعمرات، والجرافات تنقل قتلاهم وجرحاهم.
خسر الصهاينة في هذه المعركة 20 قتيلاً و20 جريحاً؛ ولم يتكبد العرب أي خسارة في الأرواح.

معركة صفد:
الطرق التي تصل الساحل والجليل الشمالي والجليل الشرقي كانت تسيطر عليها مدنية صفد، ولهذا السبب كانت محوراً للعديد من المعارك.
خطط الصهاينة لاحتلال صفد عبر عملية عسكرية أطلقوا عليها رمز "يفتاح".  فبعد أن تسلم الصهاينة حيفا من البريطانيين في 22/4/1948، أصبحت الطريق أمامهم مفتوحة إلى صفد.  وقبل ذلك؛ أي ما بين كانون أول 1947 ونيسان 1948، كان القتال في صفد مستمراً على شكل اشتباكات خفيفة وأعمال قنص وكمائن.
كان أديب الشيشكلي (قائد فوج اليرموك الأول التابع لجيش الإنقاذ) هو قائد القطاع الذي يضم صفد.  وفي 16/4/1948 انسحبت القوات البريطانية من صفد؛ فدخلها العرب واحتلوا القسم الأكبر منها، وكان فصيل من “البالماخ” قد تسلل في 14/4/1948 إلى الحي اليهودي في صفد لتنظيم المقاومة فيه.
قام هذا الفصيل بعدة محاولات للاستيلاء على أماكن حيوية في صفد؛ لكن القوات العربية أفشلت جميع هذه المحاولات؛ وفي أحدها خسر الصهاينة 28 قتيلاً.  وهنا قررت القيادة الصهيونية تنفيذ عملية "يفتاح"؛ بهدف الاستيلاء على المواقع العربية الهامة، وتحقيق السيطرة على المحاور الرئيسة وتنظيم الجليل؛ للدفاع ضد أي هجوم عربي محتمل.
تولى إيغال ألون (قائد “البالماخ”) قيادة العملية بنفسه؛ فقام باحتلال بيريا وعين الزيتون؛ ما ساهم في عزل صفد عن بقية القرى العربية، وفتح طريقاً إلى الحي اليهودي. 
وفي 3/5 وصلت كتيبة بالماخ ثانية إلى صفد، وتدفقت النجدات الصهيونية؛ في حين بدأت ذخائر العرب تتناقص؛ ولم تفلح جهود الوفد الذي أرسله الصفديون إلى دمشق لطلب الدعم.
تقدمت القوات الصهيونية إلى صفد نفسها في 6/5، وهاجمتها؛ ولكنها لم تحرز إلا تقدماً بسيطاً.
وتكرر الهجوم يوم 8/5، وأحبطه العرب.  كما قام العرب بقصف المواقع الصهيونية يومي 9-10/5.
في العاشر من أيار هاج الصهاينة مرة أخرى، والتحم الفريقان، واستمر القتال من دار إلى دار؛ فسقطت عمارة البوليس في 11/5، وسقطت بقية المواقع تباعاً؛ نتيجة قوة الأسلحة التي بيد الصهاينة.
في 12/5 أخلى العرب مركز الشرطة، وسقطت المدينة؛ بعد أن تكبد الصهاينة 850 قتيلاً؛ أما العرب فبلغ عدد شهدائهم مئة شهيد.

معركة صور باهر:
صور باهر قرية عربية تقع جنوب مدينة القدس.  وبعد امتداد مدينة القدس أصبحت تعد حيا من أحياء المدينة.  في عام 1948 كان يقطنها 2450 نسمة، ولم يكن لليهود فيها غير 540 دونماً من مجمل مساحتها البالغة 9471 دونماً، أي حوالي 6% فقط؛ وكانت القرية محاطة بثلاث مستوطنات من الشمال والجنوب والغرب هي: تل بيوت، ورامات راحيل، وميكور حاييم.
في يوم 26/1/1948، تمكن المناضلون العرب من محاصرة الحي اليهودي في البلدة القديمة، ودمروا ثلاثة منازل، وأخذوا يطلقون النار على الحي وعلى الجنود البريطانيين المكلفين بحراسته، وضيقوا الخناق على معظم الأحياء اليهودية خارج السور، حتى منعوا وصول المواد التموينية لهم.  واستمر هذا الحصار إلى أن بلغ ذروته يوم 4/2/1948؛ فأشرف الصهاينة على الموت.  ولم يستجيب الصهاينة لنصيحة البريطانيين بإخلاء الحي؛ ولم يستجيب العرب لطلب فك الحصار؛ واشترطوا أن يسلم الصهاينة أنفسهم. 
وفي يوم 17/2 نشب قتال عنيف عند مدخل الحي اليهودي في البلدة القديمة، استشهد فيه عربي وجرح آخر، وجرح عدد من الصهاينة والبريطانيين.
وتحت حماية البريطانيين تمكن الصهاينة من نسف منزل آل نمر وأطلقوا الرصاص على ساحة الحرم، ليتضح فيما بعد أن إطلاق الرصاص على الحرم كانت تغطية لهجوم انطلق من المستعمرات الثلاث على قرية صور باهر.
تصدي مناضلو صور باهر للهجوم، ومنعوا الصهاينة من احتلالها؛ رغم أن الصهاينة قاموا بحرق مطحنة، وقتل حارسها، ونسف منزل في طرف القرية.


معركة طبريا:
في عام 1947 كان أغلب سكان طبرية من اليهود، بلغ عددهم 6000 نسمة؛ فيهم عدد كبير من المحاربين المدربين، وكان العرب يعدون 5000 نسمة؛ ولكنهم تقريباً بدون سلاح.
تألفت في العاشر من نيسان 1948 لجنة قومية لتدبير شؤون الدفاع عن الأحياء العربية، وانتدب كامل الطبري لقيادة المناضلين؛ ووصل عدد من المجاهدين من دمشق يقودهم صبحي شاهين (وهو من أصل طبراني).
نشب القتال يومي 13 و14/3/1948؛ ثم تهادن الطرفان شهراً.  وفي الأسبوع الثاني من نيسان تأزم الموقف؛ فبدأت المناوشات، وحاول الصهاينة القيام بهجمات محدودة صدها العرب؛ لكن الصهاينة قاموا ليلة 15-16/4 بهجوم كبير، واستمر القتال حتى صباح 16/4، حين تدخل الإنجليز وفرضوا حظر التجول في المدينة، وأمروا بهدنة لمدة 3 أيام.
في اليوم الثالث للهدنة شن الصهاينة هجوماً مركزاً على الأحياء العربية؛ فتغلبوا على المدافعين واحتلوا فندق كروسمان ومعظم البنايات الضخمة، مثل بنك باركليس، وقتلوا عدداً من العرب؛ لكن المقاومة استؤنفت صباح 19/4. ولم يدم القتال طويلاً، ودخل الصهاينة الأحياء العربية، واستولوا عليها؛ فراح السكان العرب يرحلون من المدينة.

معركة عطروت:
عطاروت: مستوطنة صهيونية على طريق رام الله/ القدس.
في أوائل آذار 1948، أراد سكان عطاروت قطع طريق رام الله القدس؛ فعلمت قوات الجهاد المقدس أن بعض المسلحين الصهاينة تحصنوا في المحاجر الواقعة شرق المستعمرة، وهم يطلقون النار على المارة والسيارات في طريق رام الله/ القدس.
توجهت قوة من جيش الجهاد المقدس بقيادة كامل عريقات، وقوة أخرى من جنين بقيادة فوزي جرار، وقوة أخرى من السوريين بقيادة مصطفى السباعي، إلى قرية الرام شرق المستعمرة.
بدأ المجاهدون في 15/3/1948 بقصف منطقة المحاجر، واستمر الاشتباك بضع ساعات، ثم تقدم المجاهدون على المحاجر وطردوا الصهاينة منها، ثم وجهوا نيرانهم إلى المستعمرة نفسها.

وظل إطلاق النار ممتدًا حتى الصباح، وعاد المجاهدون وقد جرح منهم شخص واحد.

قام العرب بقطع أي اتصال للمستوطنة بالقدس حتى أوائل أيار؛ فتكدست محاصيلهم ومنتجاتهم، وكان سكان المستعمرة يتوقعون سقوطها؛ فوجهوا نداءً إلى البريطانيين، الذين قاموا بنقل النساء والأطفال من المستوطنة إلى القدس.
انسحب الجيش البريطاني من تلك المنطقة في 14/5/1948، وأخلوا مطار قلنديا؛ فاحتله سكان المستعمرة؛ لكن قيادة “الهاغاناة” أمرتهم بالانسحاب من المستوطنة فوراً؛ فغادروها ليلاً تاركين دوابهم وأثاثهم واتجهوا إلى مستعمرة النبي يعقوب بعد أن زرعوا المفارق بالألغام.

معركة عكا:
أرسل جيش الإنقاذ قوة للدفاع عن عكا؛ لكن اللجنة القومية قالت: إن هذا سيكون سبباً يجعل الصهاينة يعتدون على المدينة؛ ولكن اللجنة عدلت عن رأيها حين كمن الصهاينة لقافلة عربية تحمل سلاحاً من لبنان بتاريخ 17/3/1948، وأطلق الصهاينة النار على القافلة بجوار مستعمرة موتسكين، وقتلوا 14 رجلاً من رجالها، من بينهم الشهيد أحمد الحنيطي قائد منطقة حيفا.

وفي صباح 18/3 كمن عدد من سكان عكا لسيارة صهيونية، وقتلوا ركابها الأربعة، وبعد أيام أحرق العرب سيارة نقل صهيونية مصفحة وأحرقوها. 
بعد سقوط حيفا في 21/4/1948، استتب الأمر للصهاينة، وبدأوا بتنفيذ خطة "بن عامي" لاحتلال عكا؛ وذلك بتطويق المدينة واحتلال تل الفخار شرق عكا.  وبعد قصفها بالمدافع هاجم الصهاينة المدينة يوم 25/4 واحتلوا المقبرة الإسلامية جنوب شرق عكا؛ فبدأ سكان عكا بالنزوح فزاد الصهاينة ضغطهم على المدينة، ولوثوا مياه نبع الكابري بجراثيم التيفوئيد. 
وفي صباح 15/5 شن مناضلو عكا هجوماً على الصهاينة؛ لكن المدفعية  أجبرتهم على الانسحاب بعد أن خسروا 60 شهيداً.
انسحبت وحدة جيش الإنقاذ من المدينة يوم 16/5؛ فلم يتبق فيها إلا قليل من المقاتلين الذين استسلموا في مساء نفس اليوم.  ودخل الصهاينة المدينة، وارتكبوا مجزرة راح ضحيتها 91 شخصاً، بينهم نساء وأطفال وشيوخ.  وبنى الصهاينة نصباً كتب عليه "تخليداً لذكرى 750 من المقاتلين الذين سقطوا أمام أسوار عكا".


معركة غور الصافي:
غور الصافي يقع جنوب شرق البحر الميت، على بعد 8كم من المستعمرة التي أنشأتها شركة البوتاس الصهيونية.
بعد أن أخلى الإسرائيليون كامل منشآت شركة البوتاس، بناء على اتفاق مع السلطات البريطانية والأردنية؛ هاجموا غور الصافي فجر 2/6/1948، بعد أن زرعوا الألغام في طريق الغور -الكرك، وبعد أن قطعوا أسلاك الهاتف، للحيلولة دون وصول النجدات الأردنية.
بعد أن استولت القوة المهاجمة على مساحة واسعة من الغور، قامت بتطويق مخفر الدرك الأردني؛ وكاد المخفر يسقط في أيديهم، لولا وصول مفرزة من الجنود الأردنيين قامت بإصلاح خطوط الهواتف وطلبت النجدة، ونظفت الطريق من الألغام، وبعد ذلك راحت تصب نيرانها على القوات المهاجمة.
وبوصول الخبر إلى عمان، قامت 3 طائرات أردنية بالتحليق فوق مكان القتال؛ فانسحب المهاجمون تحت كثافة نيران المعركة التي اشتدت بسبب ارتفاع معنويات الجنود الأردنيين برؤيتهم الطائرات، وقد تكبد العدو حوالي 40 إصابة، وطاردهم الجنود حتى مداخل المستعمرة.

معركة قاقون:
قاقون قرية عربية شمال غرب طولكرم.  في النصف الأول من عام 1948 جرت عدة معارك بين أهالي قاقون والصهاينة انتصر فيها أهالي قاقون ولم يخسروا غير 3 شهداء وبعض الجرحى.
بعد انسحاب الجيش العراقي من معركة غيشر، حط رحاله في مدينة طولكرم، وأخذ يقصف المستوطنات القريبة بالمدفعية. 
قرر الصهاينة زيادة عمق منطقتهم؛ فاختاروا قرية قاقون لهجومهم، وكلفوا أحد الألوية باحتلالها.   وفي مساء 4/6/1948 بدأ الإسرائيليون بقصف القرية؛ فاستشهد 10 من سكانها وجرح 10 آخرون؛ فرحلت النساء والأطفال إلى البيارات شرق القرية واستعد الرجال للقتال.
وفي صباح 5/6 بدأ الإسرائيليون بالتحرك باتجاه القرية مستفيدين من ساتر السكة الحديد الترابي؛ ولكن ما إن تجاوزوا هذا الساتر حتى تعرضوا لمقاومة عنيفة؛ لكن المهاجمين وصلوا إلى مشارف القرية، ورغم تحرك بعض وحدات الجيش، إلا أنها لم تتمكن من صد الهجوم الإسرائيلي؛ فسقطت قرية قاقون بعد استشهاد 40 من رجالها و17 من المفرزة العراقية.  وحاولت القوات العراقية استرداد القرية بعد ذلك؛ لكنها فشلت؛ فقامت بقصفها.

معركة القسطل:
ربما تكون معركة القسطل (وبغض النظر عن نتائجها) من أهم المعارك التي جرت على أرض فلسطين في عام 1948؛ لذا، سنتحدث عنها بقليل من التفصيل.
القسطل قرية على بعد 10كم إلى الغرب من مدينة القدس، تمتعت بموقع استراتيجي لتحكمها بطريق القدس/ يافا، وترتفع عن الطريق حوالي 200م.  وكانت تعد البوابة الغربية للقدس.
استعد الصهاينة للقيام بعمليات واسعة لاحتلال أكبر مساحة من الأرض التي تنسحب منها القوات البريطانية، ومن ضمن خططهم كانت خطة "خشون" التي تهدف إلى فتح طريق القدس- تل أبيب، وفك الحصار عن يهود القدس؛ وقد جهزوا لهذه العملية 5000 رجل مزودين بأحدث الأسلحة، وشمل هذا العدد قوات من “الهاغاناة” و”البالماخ” و”الأرغون” و”شتيرن”، وشملت الأسلحة: دبابات خفيفة، ومصفحات، وبنادق آلية من تشيكوسلوفاكيا وسلطات الانتداب البريطاني.  وقد تقرر أن تبدأ الخطة في 6/4/1948.
توجه عبد القادر الحسيني (قائد جيش الجهاد المقدس) إلى دمشق، أواخر آذار 1948 للاتصال باللجنة العسكرية التابعة لجامعة الدول العربية؛ للحصول على أسلحة ومعدات للتصدي للهجوم الذي كان على علم به؛ وتولى القيادة مكانه كامل عريقات.
وصلت إلى قيادة جيش الجهاد المقدس أنباء بقرار الصهاينة تقديم موعد الهجوم إلى 2/4 بدلاً من 6/4؛ فعقد كامل عريقات مجموعة من الاجتماعات وضعت فيها خطة لمجابهة الهجوم الصهيوني، وذلك بمشاركة الشيخ حسن سلامة.
حشدت قيادة جيش الجهاد قواتها على مراكز باب الواد وبيت محسير والقسطل وساريس، ولم تغفل عن طريق بيت لحم، الذي قد يفكر الصهاينة فيه للوصول إلى القدس.  وحشد الشيخ حسن سلامة القوات في دير محيسن قضاء الرملة.
بدأ الصهاينة تنفيذ خطتهم ظهر يوم 2/4/1948؛ فاتجه قسم من قواتهم إلى دير المحيسن، والقسم الآخر إلى باب الواد لاقتحامه والاستيلاء على القسطل؛ فتمكن الشيخ سلامة مع قواته، بعد معركة عنيفة، من صد الهجوم على دير المحيسن، وتأهب للسير إلى باب الواد لنجدة المقاتلين هناك؛ لكن نجدات صهيونية وصلت إلى دير المحيسن فمنعت ذهابه.  اضطر الشيخ حسن سلامة لخوض معركة أخرى استمرت حتى منتصف الليل، وانتهت بانتصار المجاهدين مرة أخرى.
أما القسم الثاني من القوات الصهيونية؛ فقد اشتبك معه المجاهدون في معركة عنيفة دامت ساعتين ونصف، تمكن بعدها الصهاينة من اقتحام باب الواد؛ نتيجة تفوقهم الساحق في العدد والعدة.
وتقدم الصهاينة في المساء إلى مشارف قرية القسطل، وهاجموها عند منتصف الليل؛ فدافع عنها أبناؤها حتى نفدت ذخيرتهم؛ فتمكن الصهاينة من احتلالها، وبدأوا بتحصينها على الفور.
وقد كانت القسطل أول قرية عربية يحتلها الصهاينة عام 1948؛ وسقطت بعدها دير المحيسن وخلدة؛ فاهتز الشعب الفلسطيني للحادثة، وانطلق المئات من الشبان يطلبون من قيادات جيش الجهاد المقدس إرسالهم إلى جبهة القسطل؛ فقامت قيادة جيش الجهاد بالإعداد لهجوم مضاد سريع؛ فحشدت القوات من مختلف القطاعات في القدس، وتقدمت هذه القوات، بقيادة كامل عريقات، عبر بيت صفافا إلى عين كارم، فانضم شبابها بقيادة خليل منون إلى القوات.  وتابع الجميع التقدم باتجاه القسطل ليلاً، ووصلوا إلى بعد 2كم عنها.
صباح 4/4، تقدم المجاهدون فاحتلوا كاجر الياشار، ثم تقدموا تحت وابل النيران الصهيونية؛ لكن ضغط الهجوم من قبل المجاهدين وتواصله أجبر الصهاينة على إخلاء عدد من المراكز الأمامية، وتراجعوا نحو القرية. 
حاصر المجاهدون القرية، واستمر تبادل النار طوال الليل؛ فيما استمرت النجدات في الوصول طيلة يوم 5/4، حيث شن المجاهدون هجوماً عاماً على القرية، وتمكنوا من حشر الصهاينة في مركز القرية بعد مقاومة عنيدة؛ فأصبحوا على بعد 200م من مركز القرية، وواصلوا حصارهم للقرية بمعنويات مرتفعة.
وفي صباح 6/4 أصيب كامل عريقات بشظية فاضطربت صفوف المجاهدين، خصوصاً وأن ذخيرتهم بدأت بالنفاد.
قام إبراهيم أبو دية بنقل كامل عريقات على ظهره إلى قرية صوبا، ثم عاد ليجمع شمل المجاهدين، منهياً حالة الفوضى، وقادهم على هجوم جديد، يعاونه عبد الحليم الجيلاني.

مال الموقف لصالح الصهاينة بعد وصول نجدات إليهم؛ لكن إبراهيم أبو دية استطاع مع عدد من الرجال اختراق القرية ونسف بعض البيوت والعودة بسلام.
صباح 7/4 وصل عبد القادر الحسيني من دمشق، وتوجه إلى القسطل ظهر نفس اليوم، وأمسك بزمام الموقف وأعاد تنظيم المجاهدين. 
وزع الحسيني القوات على أربعة محاور بقيادته ونيابة كل من حافظ بركات وهارون بن جازي وعبد الله العمري وعلي الموسوس؛ كل شخص على جهة؛ وبقيادته العامة.  ورابطت مجموعات مقابلة للإسناد بقيادة صبحي أبو جبارة وعبد الفتاح المزرعاوي.
بدأ الهجوم على القسطل منتصف ليلة 7/4؛ وتمكنت قوات القلب والميسرة من اكتساح مواقع العدو واستحكاماته الأمامية، واتصلت قوات الفريقين، وكادت تدخل القرية؛ ولكن تقدم القوات من الناحية الشرفية كان صعباً؛ إذ نفدت ذخيرة كثير من المجاهدين، وأصيب إبراهيم أبو دية و16 من رجاله؛ ما جعل المجاهدين يتراجعون أمام كثافة نيران العدو وقلة ذخيرتهم.
اندفع الحسيني لينقذ الموقف، واقتحم القرية تحت وابل من نيران الصهاينة؛ واستمر القتال طوال الليل.
وفي صباح 8/4 أعلنت القيادة أن عبد القادر الحسيني ورفاقه مطوقون في القرية؛ فأسرعت النجدات من جميع المدن والقرى المجاورة إلى القسطل، وبينهم مجموعة من حراس الحرم وشباب القدس وجيش الإنقاذ؛ وأخرى من الخليل وغيرها.
بدأ الاقتحام مجدداً للقرية بقيادة رشيد عريقات، صباح 8/4.  وبعد ثلاث ساعات تمكن من دخول القرية وتحريرها، وفر الصهاينة باتجاه القدس، وغادروا القسطل. 
وبعد قليل وجد المجاهدون عبد القادر الحسيني شهيداً في أحد بيوت القسطل؛ ما دب الارتباك في صفوفهم؛ ففقد القادة سيطرتهم على الأفراد، وأخذت النجدات تغادر القسطل، وبقي فقط رشيد عريقات وعبد الحليم الجيلاني وقواتهما.  ولم يستجب أحد لطلبهما بإسال التعزيزات؛ لانشغال الناس باستشهاد الحسيني.
غادر عريقات والجيلاني القرية ليلة 9/4؛ فعاد الصهاينة واحتلوها في 9/4/1948.
ورغم كون معركة القسطل مثالاً على البطولة؛ إلا أنها مثال على انتصار ضاع بسبب ضعف التسليح والافتقار للتنظيم وقلة الذخيرة وسوء الخدمات الطبية الميدانية ووسائل الاتصال.

معركة القطمون:
حي القطمون جنوب غرب القدس، يقع على رابية تشرف على معظم الأحياء اليهودية فيها، والحي مقر الكرسي البطريركي الصيفي للروم الارثوذوكس؛ ولذا فقد كان للحي قيمة عسكرية كبرى، جعلت الصهاينة يحاولون احتلاله منذ أواخر نيسان 1948.
كان في الحي قلة من المجاهدين بقيادة إبراهيم أبو دية وهم غير مزودين بذخيرة كافية، وقام الصهاينة بالاستيلاء على معظم المباني والمرتفعات المشرفة على الحي.  وبعد عدة مناوشات قطع الصهاينة الكهرباء والهواتف عن الحي، وهاجموه يوم 10/3/1948، ونسفوا 3 منازل عربية؛ لكن المجاهدين دافعوا ببسالة، أجبرت المهاجمين على التراجع؛ وقد تكرر ذلك أكثر من مرة خلال شهري آذار ونيسان 1948.
ومع اقتراب موعد انسحاب القوات البريطانية، وضعت القوات الصهيونية خطة رمز لها باسم "يبوس" (وهو اسم القدس الكنعاني) هدفها الأساسي هو فك الحصار عن يهود القدس، والاستيلاء على مجموعة مناطق في المرحلة الأولى من الخطة، من ضمنها القطمون.  وبدأ الهجوم يوم 27/4 على بيت اكسا وشعفاط.
وفي 28/4 هاجم الصهاينة حي الشيخ جروح، واحتلوا دير مار سمعان في ليلة 29-30/4، بعد معركة قصيرة مع عراقيين من جيش الجهاد المقدس؛ إلا أن العراقيين تمركزوا في البنايات المجاورة، وأخذوا يطلقون النار، ومنعوا الصهاينة من توسيع رقعة احتلالهم.
ثم عاود العرب الهجوم على الدير في 30/4 بعد الظهر، وذلك بعد فشل محاولة في الصباح، وفشل هذا الهجوم أيضاً؛ ولكن الصهاينة خسروا الكثير من الأرواح فيه.
في مساء 30/4 وصلت قوات لواء "عتصيوني" إلى الدير.  وفي صباح 1/5 تابع اللواء تقدمه من بيت إلى بيت، حتى سيطر على حي القطمون بكامله.  وخلال 24 ساعة لم يبق في الحي أي مواطن عربي.

معركة كفار عتصيون:
كفار عتصيون مستوطنة تقع على طريق القدس- الخليل.  أنشئت بالأساس كي تؤدي دوراً عسكرياً منذ صدور قرار التقسيم.
قام سكان المستوطنة باحتلال بناية تابعة للكنيسة الأرثوذوكسية، وأخذوا يطلقون النار على السيارات العربية؛ وأصابوا سيارة القنصل العراقي.
في 13/1/1948 هاجم مناضلو المناطق المجاورة المستوطنة فاستشهد منهم 14 وجرح 24 لقلة تنظيمهم.
هاجم المناضلون أيضاً في 13/2/1948 قافلة بين كفار عتصيون والقدس؛ فقتلوا اثنين، وجرحوا اثنين، وأحرقوا سيارتين، أنقذهما الجيش البريطاني.
تعرض صهاينة كفار عتصيون في 6/5 لقافلة عربية متجهة إلى الخليل؛ فحضرت نجدة من الجيش الأردني، وأمطرت كفار عتصيون بالنيران؛ فاضطر الصهاينة إلى التراجع؛ لكنهم تعرضوا في اليوم التالي لقافلة قادمة من الخليل؛ فتصدى لها الجيش الأردني؛ ولكن الصهاينة استمروا في عدوانهم.
في 13/5/1948 هاجم الجيش الأردني ومجموعة من المناضلين بالهجوم على كفار عتصيون والمستوطنات المجاورة؛ فأرسل الصهاينة نجدات للمستوطنة، وأنزلوا جنودا بالمظلات؛ لكن المهاجمين فتحوا ثغرات في الأسلاك الشائكة وعبروا إلى المستوطنة.
سقطت المستعمرات الأربع وقتل 200 صهيوني وأسر 287، وخسر الجيش الأردني 14 شهيداً؛ واستشهد عدد كبير من الأهالي في حقول الألغام المحيطة بالمستوطنات قبل اقتحامها.

معركة كفر كنا
معركة عين ماهل
في 13/1/1948 حدثت معركة بين رجال عشيرة صبيح وقوة من “الهاغاناة”؛ وقد هب لنجدة آل صبيح مجموعة من المناضلين كبدوا القوة الصهيونية خسائر كبيرة.
علم الصهاينة أن المجندين يتمركزون في قرية كفر كنا شمال شرق الناصرة؛ فاعتزموا احتلالها؛ فقاموا في 15/1/1948 بالتقدم نحو القرية، وقسموا الهجوم إلى قسمين: قسم يتجه مباشرة على القرية، وقسم يلتف حولها؛ فنجح جنود القسم الأول بالتسلل حتى مدخل معسكر المناضلين؛ لكنهم لم يتقدموا أكثر؛ لأن المناضلين تنبهوا لهم واشتبكوا معهم في قتال عنيف وأجبروهم على التراجع سريعاً؛ فوصل الخبر إلى القسم الثاني الذي توقف قبل أن يتصدى له أحد.
إثر فشل الهجوم على كفر كنا؛ قررت القيادة الصهيونية القضاء على المعسكر العربي قي قرية عين ماهل القريبة من كفر كنا؛ فهاجمت القرية فرقة من “الهاغاناة”؛ ومهدت لهجومها بقصف مدفعي، وما أن أغار جنود العدو على القرية حتى سقطوا الواحد تلو الآخر بنيران المناضلين.  وارتفعت نسبة الخسائر لدى المهاجمين؛ فبدأوا بالتراجع، واخفق الهجوم على عين ماهل.

معركة كوكب الهوا:
كان الصهاينة يمتلكون حاميتين قويتين في كل من مشروع كهرباء روتنبرغ ومستعمرة جيشر، وبعد الإنذار الذي وجهته الحكومة الأردنية إلى هيئة إدارة المشروع، انسحب الصهاينة على مستعمرة جيشر وعززوا دفاعاتها؛ وكان من ضمن دفاعات المستعمرة، حصنها المنيع الذي أقامه البريطانيون خلال الحرب العالمية الثانية.
بعد دراسة الواقع الجغرافي للمنطقة، استنتج الصهاينة أن الدفاع عن المستعمرة يستوجب احتلال قرية كوكب الهوا؛ وذلك لمنع المناضلين من معاونة الجيش العراقي في هجومه المرتقب على المستعمرة.
نسف الصهاينة جسر المجامع على نهر الأردن؛ لإعاقة تقدم القوات العراقية.
وفي يوم 15/5/1948 طوقت القوات الصهيونية كوكب الهوا بقوات كبيرة؛ فتصدى لها رجال القرية وأوقعوا بها خسائر كبيرة؛ إلا أنهم اضطروا للانسحاب لنفاد ذخيرتهم؛ فدخل الصهاينة القرية فور إخلائها.  وفي تلك الأثناء تمكنت سرية عراقية من عبور النهر وإقامة جسر تحت جنح الظلام.
وتوالى عبور القوات العراقية بقصد مهاجمة جيشر، وتيقن القائد العراقي أنه لا يمكن مهاجمة المستوطنة دون استعادة كوكب الهوا؛ فكلف سرية بمهاجمتها، ونجحت السرية في تحرير القرية بعد معركة عنيفة تكبد فيها الطرفان خسائر كبيرة. 
هاجمت القوات العراقية المستعمرة عدة مرات دون أن تتمكن من احتلالها.  وقد استمر وصول النجدات إلى جيشر من قبل الصهاينة، وهاجموا العراقيين بعنف؛ فسقط منهم 23 شهيداً، بينهم الرئيس الأول طالب العزاوي؛ وانسحب العراقيون بعدها من القرية في 18/5/1948، وبعدها سيطر الصهاينة على القرية نهائياً.

معركة اللد والرملة:
إن وجود مطار عسكري صغير وآخر مدني ومحطة الهاتف الرئيسة في فلسطين في مدينتي اللد والرملة؛ إضافة إلى بعدهما 15كم عن تل أبيب، عند ملتقى خطوط المواصلات؛ جعلا من هاتين المدينتين هدفاً مغريًا للصهاينة. 
وضع الصهاينة خطة للاستيلاء على المدينتين في وقت مبكر؛ فيما أدرك سكان المدينتين الخطر المحدق بهم؛ فبدأوا بتحصين الدفاعات بالتعاون مع قوات جيش الجهاد المقدس بقيادة الشيخ حسن سلامة.
وقامت اللجنة القومية التي تم تشكيلها بإشراف الشيخ حسن أبو السعود بمساع جيدة في سبيل التنظيم وتوحيد الجهود وعمل مختلف التدابير للدفاع والتسليح.  وقد قوى عزيمة سكان الرملة ومناضليها انضمام 250 متطوعًا من بدو شرقي الأردن بقيادة الشيخ فضيل الشهوان من مشايخ العجارمة؛ والشيخ جمال المجالي من مشايخ الكرك. وأصدرت اللجنة العسكرية بدمشق في 16/2/1948 أمرًا إلى سرية من وحدات جيش الإنقاذ معها فصيل من المتطوعين المصريين بالتوجه إلى قطاع اللد والرملة.
تحركت السرية المذكورة من دمشق يوم 23 شباط بقيادة الملازم الأول عبد الجبار العراقي. ووضعت هذه القوة تحت إمرة الشيخ حسن سلامة الذي اعترفت به اللجنة العسكرية قائدًا لهذا القطاع.
وقد نشبت عدة اشتباكات بين مناضلي المدينتين والصهيونيين منذ صدور قرار التقسيم. وكان النصر حليف العرب دائما. فقد أسقط مناضلو اللد طائرة كانت تحلق فوق مطار المدينة واستولوا مع مناضلي القرى المجاورة على المطار ومحطة السكة الحديدية ومخزن الوقود ومعسكر بيت نبالا، وأقاموا مفارز خاصة لحراسة هذه المواقع والدفاع عنها.
وظل الأمر على هذه الحال إلى أن انتهى الانتداب وأعلن قيام الكيان الصهيوني ودخلت الجيوش العربية فلسطين في حرب 1948 وأعلنت الهدنة الأولى.
وفي أثناء هذه الهدنة تحركت يوم 18/6/1948 سرية المشاة الخامسة التابعة لقيادة اللواء الثالث من الجيش الأردني؛ وكان عدد عناصرها 185 ضابطًا وفردًا، تحركت إلى مدينتي اللد والرملة لتأخذ مواقعها هناك، وتساعد الحاكم العسكري الأردني في إدارة المدينتين، وتنسق الدفاع عنهما وتعيد تنظيمه.
وقد تبين لقائد السرية أن المدينتين قادرتان على الدفاع أمام هجمات المشاة لفترة زمنية محدودة، ولكنهما لا تملكان القدرة على الدفاع والصمود في وجه الدبابات والمدفعية، وينقص القوات المدافعة عنهما في الوقت ذاته التنظيم والتدريب المتماسك.
سعى الإسرائيليون بعد استئناف القتال في 9/7/1948 إلى احتلال مدينتي اللد والرملة، والانطلاق منهما إلى مواقع الجيش الأردني في باب الواد؛ لفتح طريق القدس بالقوة، بعد فشلهم في تحقيق ذلك أثناء مرحلة القتال الأولى قبل الهدنة.  وكانت المدينتان هدفا مغريًا؛ لقلة القوات المدافعة من جهة، ولقربهما من مراكز القوات الإسرائيلية الرئيسة؛ حيث يسهل عليها التحشد والعمل من جهة ثانية، ولبعدهما عن مراكز القوات العربية من جهة ثالثة.
وقد أعطى الإسرائيليون الأسبقية لاحتلال اللد والرملة أيضا للقضاء على تجمع سكاني عربي قريب من تل أبيب، وللقضاء على فكرة المناطق المحددة في التقسيم والحصول على مكاسب إقليمية واستراتيجية وتخفيف الضغط عن القدس.
أطلق الإسرائيليون على عملية اللد والرملة الاسم الرمزي داني وخصصوا لها نخبة الجيش الإسرائيلي، وهي قوة البالماخ المؤلفة من 6.500 رجل منظمة في ثلاثة ألوية ومزودة بناقلات الجنود المدرعة المجنزرة والمدرعات والمدفعية والإسناد الجوي.
بدأ الهجوم الإسرائيلي يوم 9/7/1948، وسعى الإسرائيليون إلى عزل المدينتين عن أي مساعدة قد تأتي من الشرق؛ فتقدم إلى شرقي اللد والرملة لواءان، أحدهما من الجنوب حيث دخل قرية عنابة في الساعة الواحدة من صباح 10 تموز، ثم قرية جمزو؛ وثانيهما من اتجاه تل أبيب في الشمال الغربي. وقد احتل هذا اللواء "ويلهمينا" ثم مطار اللد.  وباحتلاله عزلت سرية الجيش الأردني في الرملة والعباسية واليهودية. وهكذا اكتمل تطويق المدينتين وعزلهما، ولم يستطع المناضلون في القرى المذكورة ومطار اللد الصمود طويلًا أمام هجمات الدبابات والمدفعية المنسقة.
وتعرضت المدينتان في أثناء ذلك لقصف جوي ثقيل وجه إلى مركز شرطة الرملة خاصة، وقصف مدفعي شمل الأحياء الآهلة بالسكان.
استمر ضغط الإسرائيليين على امتداد واجهة القتال. وقد ألقت طائراتهم في صباح يوم 11 تموز نشرات تدعو الأهالي إلى التسليم؛ إذ لا فائدة ترجى من القتال بعد أن أصبحت المدينتان مطوقتين، وطلبت من أهالي اللد إرسال وفد عنهم إلى مقر القيادة الإسرائيلية في قرية جمزو شرقي اللد؛ ومن أهالي الرملة إرسال وفدهم إلى مقر القيادة الإسرائيلية في قرية البرية شرقي الرملة أيضا.
ركز الإسرائيليون هجومهم على مدينة اللد أولًا فشنوا عند الظهر هجومًا قويًا عليها من الناحية الشرقية عند قرية دانيال؛ ولكن مجاهدي المدينة استطاعوا أن يصدوا الهجوم بعد معركة دامت ساعة ونصفًا، خسر الإسرائيليون فيها 60 قتيلًا، وعاد المجاهدون وقد نفد عتادهم.
ثم شن الإسرائيليون هجوما آخر بقوات أكبر تدعمها المدرعات؛ وتمكنوا في الساعة 16.00 تقريبًا من دخول مدينة اللد واحتلالها، وهم يطلقون النار على الأهالي دون تمييز. فارتقى نتيجة ذلك عدد كبير من أبناء المدينة شهداء.
وكانت قوة من حوالي سريتين، معها عدد من المدرعات من الكتيبة الأولى للجيش الأردني، قد تحركت من منطقة رام الله إلى بيت نبالا في 10 تموز؛ في حين اتجه من بقي من الكتيبة الأولى مساء 11 تموز إلى مخفر الجفتلك في غور الأردن، ومكثوا فيها يومين، ثم عادوا إلى منطقة دير قديس.
أرسل قائد اللواء الثالث الأردني دورية يوم 11 تموز إلى قرية جمزو؛ فطردت القوة الإسرائيلية منها، وقتلت عشرة من أفرادها؛ ولكن الإسرائيليين عادوا إلى القرية بعد انسحاب الدورية الأردنية منها.
وضربت قوة الكتيبة الأولى من مراكزها في بيت نبالا عدة مراكز متقدمة للقوات الإسرائيلية وطردتها منها.
أرسلت القيادة الأردنية فئة مدرعات للتثبت من الموقف في مدينة اللد.  ولما رآها أهالي المدينة، وهي تشاغل تحشدات العدو على مشارف اللد وتفرقها، ظنوا أن هذه الفئة مقدمة رتل قادم لإنقاذ اللد؛ فتشجعوا وراحوا يهاجمون الصهيونيين في كل مكان، ولا سيما في الناحية الشمالية؛ حيث دخلت المدرعات الأردنية؛ ولكن المدرعات الأردنية انسحبت بعد وقت قصير. وقد أدى ذلك إلى تغلب القوات المعادية على المناضلين؛ فتمكنت من سكان اللد وقتلت 426 مواطنًا عربيًا؛ منهم 176 قتلوا في مذبحة نصبت لهم في مسجد المدينة.
تقدمت القوات الإسرائيلية بعد سقوط اللد باتجاه مركز القسم الواقع بين اللد والرملة، وفيه مقر الحاكم العسكري الأردني؛ وقطعت خطوط الهاتف بين قيادة السرية الأردنية الخامسة المقيمة في القسم، ومراكز الفصائل.
أرسل قائد السرية مفرزة مؤلفة من ثمانية جنود لاستطلاع الأمر، كما طلب إلى قائد حامية محطة سكة حديد اللد أن يقوم بحماية مركز القسم والحاكم العسكري الأردني.
حينما أشرف هذا القائد على المركز، وجد أن القوات الإسرائيلية أصبحت على مقربة من مقر الحاكم؛ فاشتبكت فصيلته مع قوة الاستطلاع المعادية، ودمرت لها سيارتي جيب، وغنمت بعض أسلحتها، بعد أن فر من بقي من رجالها.  وعندئذ توقف الإسرائيليون عن التقدم باتجاه الرملة، وأنقذ الحاكم العسكري الأردني مع المفرزة الموجودة في مقره.
وقد قاتل المناضلون الذين كانوا يرابطون في عمارة الشرطة بعناد إلى جانب الجيش الأردني، واندحر الإسرائيليون، وهم يظنون أن هناك قوات كبيرة تتمركز في مدينة الرملة.
جمعت السرية الأردنية الخامسة فصائلها في مركز شرطة الرملة، ثم تلقت برقية من اللواء الأردني الثالث، الذي كان يقوده العميد أشتون الإنكليزي، تأمرها بالانسحاب.  وتم الانسحاب ليلًا على الأقدام عن طريق جمزو- عنابة - بيت سيرا؛ حيث منطقة تجمع السرية.  وقد أتلفت السرية قبل الانسحاب معداتها الثقيلة وأسلحتها الزائدة.
أحكم الإسرائيليون الطوق على مدينة الرملة، وجاؤوا بحشود جديدة، وزادوا من قصفهم الجوي والمدفعي لها.
علم أبناء المدينة بخبر انسحاب السرية الأردنية؛ فاضطروا للاتصال بالإسرائيليين للتسليم؛ فذهب وفد منهم إلى قرية البرية؛ ومنها أخذهم الإسرائيليون إلى مستعمرة النعاني.  واستمرت المفاوضات من الساعة 22.00 من يوم 11/7/1948 حتى الساعة 6.00 من صباح اليوم التالي.  وقد اتفق على تسليم المدينة بشروط مكتوبة، منها: عدم التعرض للآهلين أو المساس بالأملاك.  ولما عاد الوفد إلى الرملة كانت القوات الإسرائيلية قد احتلتها، فوضع أعضاء الوفد تحت الحفظ في بلدية الرملة.
جمع الإسرائيليون شباب المدينة وساقوهم مرفوعي الأيدي إلى مكان جمع الأسرى في مركز شرطة الرملة؛ حيث ظلوا حتى السابعة مساء؛ ثم أطلق الإسرائيليون سراح أعضاء الوفد.
وفي 13 تموز طلب الإسرائيليون من السكان إخلاء الرملة، فرفضوا؛ ولم يتقيد العدو بالشروط التي اتفق عليها مع وفد المدينة؛ بل أجبر معظم السكان على الرحيل، وأركبهم في سيارات حملتهم إلى آخر نقطة باتجاه الشرق.  وهناك تركوهم يسيرون على أقدامهم.  وقد استمرت عملية الترحيل ثلاثة أيام.

Post a Comment

Previous Post Next Post