نظرية بياجيه في النمو العقلي

النظریة البنائیة لجون بیاجي في النمو المعرفي:
یتوجب على المعلم معرفة سلوك تلامیذه وكیف یتعلمون وماذا یتعلمون وكیف یوظفون
ویحولون مكتسباتھم. وللحصول على ھذا النوع من المعرفة علیھ أن یدرس عملیات النمو
المعرفي، التي تمثل نقطة التقاء بین علم النفس النمو وعلم النفس التربوي. حیث تقوم نظریة
بیاجي بشرح عملیة الاكتساب وفقا للنمو العقلي. و سنتناول بالشرح في ھذا الفصل، أھم
المفاھیم التي جاءت في ھذه النظریة وكیفیة تطبیقھا في المجال التربوي.
لمحة تاریخیة:
ولد جون بیاجي في نیوشتل بسویسرا عام 1896 ، وقد كان في طفولتھ لامعا، ذا رغبة
عالیة في الاستطلاع. نشر أول مقال علمي وھو في العاشرة من عمره.
وفي الحادیة عشرة من عمره، عمل مساعدا في مختبر المتحف التاریخي الوطني، ثم أصبح
خبیرا بالمتاحف. نال أول شھادة جامعیة في الثامنة عشرة من جامعة نیوشتل، وأصبح بعد
ذلك موظفا في جنیف. وتحصل على شھادة الدكتوراه في العلوم الطبیعیة وعمره 21 سنة.
وقد اشتھر خارج سویسرا، بالعمل مع بینھ في باریس في تصمیم اختبارات الذكاء.
ویعتبر بیاجي من أھم علماء النفس الذین قدموا نظریة شاملة لتفسیر الذكاء وعملیات
التفكیر. و ألف أول كتاب في علم النفس التطوري عام 1921 حیث تسلم جراء ذلك إدارة
مركز جان جاك روسو للعلوم التربویة في جنیف.
48
قام بیاجي بنشر ما یزید عن 20 بحثا في حقل علم الحیوان . أما المرحلة الثانیة من أبحاثھ،
فقد تضمنت ولادة أطفالھ الثلاثة (جاكلین ، لورنس ،و لووسین) في الأعوام
1925،1927،1931 ، مما وفر لھ مختبرا سیكولوجیا لتدوین ملاحظتھ الخاصة بالنمو
المعرفي . وكرس أبحاثھ كلھا لدراسة النمو العقلي عند الأطفال محاولا بذلك فھم شكل
التفكیر عند الراشد. أضف إلى ذلك، اھتمامھ بالدافعیة والإدراك والاتجاھات والقیم عند
الأطفال. ولاقت أبحاثھ تأثیرا كبیرا في الولایات المتحدة الأمیركیة ، حیث ترجمت أبحاثھ من
الفرنسیة إلى الانجلیزیة في العشرینات من القرن الحالي.
1 - النمو المعرفي عند جون بیاجي:
ینظر بیاجي إلى النمو المعرفي من زاویتین وھما البنیة العقلیة والوظائف
العقلیة. و یرى أن النمو المعرفي لا یتم إلا بمعرفتھما. أما البناء العقلي فیشیر إلى حالة
التفكیر التي توجد في مرحلة ما من مراحل نموه.و الوظائف العقلیة تشیر إلى العمالیات التي
یلجأ إلیھا الفرد عند تفاعلھ مع مثیرات البیئة التي یتعامل معھا.
یھتم بیاجي بتطور التراكیب أو الأبنیة المعرفیة ، حیث یؤكد أن الوظائف العقلیة عند الإنسان
موروثة وبالتالي فھي ثابتة لا تتغیر. أما الأبنیة العقلیة فلا تتغیر مع مرور الزمن نتیجة
تفاعل الفرد مع البیئة. ویضیف بیاجي وظیفتین أساسیتین للتفكیر لا تتغیر مع تقدم العمر ھما:
التنظیم والتكیف، حیث تمثل وظیفة التنظیم نزعة الفرد إلى ترتیب العمالیات العقلیة
وتنسیقھا في أنظمة كلیة متناسقة ومتكاملة. أما التكیف فتمثل نزعة الفرد إلى التلاؤم مع
البیئة .
ویعتبر التكیف تغیرات في العضویة تحدث استجابة لمطالب البیئة، ویتم التكیف من خلال
عملیتین ھما الاستیعاب والمماثلة. فأما الاستیعاب فھو تعدیل المعلومات الجدیدة أي التغیر
في المحیط لجعلھ یوافق البنیات العقلیة.وأما المماثلة فھي التغیر في الأبنیة العقلیة لجعلھا
متوافقة مع البیئة التي یواجھھا.
ولتفسیر العمالیات العقلیة استخدم بیاجي مصطلح شام أو السكیما لیشیر إلى البنیة العقلیة ،
وقد یكون الشام بسیط جد كما ھو الحال في منعكس الرضاعة ، أو یكون معقد كما ھو الحال
في استخدام اللغة.ویعتبر بیاجي النمو المعرفي یتقدم نحو التفكیر الأكثر تجریدا ، ومما لا
شك فیھ ھو كون العمالیات العقلیة المكتسبة مبكرا حجر الأساس الذي تبنى علیھ العمالیات
المعرفیة الأكثر تعقیدا فیما بعد . ولقد حدد بیاجي أربع عوامل للانتقال من مرحلة نمو إلى
أخرى.
1 - النضج: یرتبط النمو المعرفي بصفة عامة بنضج الجھاز العصبي المركزي والتناسق
الحركي، فوظیفة المشي تتطلب نمو العضلات ونضجھا بالاظافة إلى نضج الأعصاب
المتحكمة فیھا.
49
2 - التفاعل مع الخبرة المادیة: إن تفاعل الطفل مع بیئتھ المادیة، یزید من نسبة نموه، وذلك
بزیادة عدد خبراتھ التي تمكنھ من الوصول إلى التفكیر المعقد.
3 - التفاعل مع البیئة الاجتماعیة: یعتبر اكتساب الخبرات بواسطة استعمال اللغة
للتواصل مع مجموعة الرفاق، والاكتساب المدرسي مؤشرین لزیادة معدل
النمو المعرفي.
4 - التوازن: ھو عملیة تنظیم ذاتي یستوجب استعادة حالة التوازن في حالة عدم التوازن
التي تمر بھا العضویة، وذلك باستخدام سلسلة لمتناھیة من الاستیعاب والملائمة یمكننا شرح
ذلك من خلال المثال التالي: "البكاء عند الرضیع الجائع تعبیرا عن حالة التوتر أو عدم
التوازن" " العب والمناغاة عند الرضیع بعد أخذ الطعام، تعبیرا عن استرجاع حالة التوازن
والوصول إلى "حالة الإشباع".
"توتر وقلق التلمیذ أمام مشكلة تعلیمیة یستعصى حلھا"تعبیرا عن فقدان حالة التوازن.
"حل المشكلة بشكل صحیح"یعبر عن زوال حالة التوتر واستعادة التوازن.
یرى بیاجي أن للطفل قدرات فطریة تمكنھ من التفاعل مع البیئة والتزود بالخبرات
فالمولود حدیثا یتمكن من التفاعل مع الوسط باستخدام انعكاسات
فطریة تمكنھ من التحكم في المحیط والتكیف معھ، مثل المص والقبض على الأشیاء.
الانعكاسات إلى سلوك ھادف، حیث یقوم الطفل بالجمع بین الھدف والوسیلة
.
عملیة الاستكشاف تحدث في تسلسل منطقي، فلا یستطیع الطفل إدراك وفھم مبادئ الجمع
بعد اكتساب ثبات الموضوعات ویتم التقدم في ھذه السلسلة ببطء وبشكل تدرجي.
.( تؤثر البیئة التي یعیش فیھا الطفل في معدل النمو الذي یسر فیھ
(الطواب، 1985
العوامل المؤثرة
في النمو المعرفي
التفاعل مع
البیئة
الاجتماعیة
التفاعل
مع البیئة
50

Post a Comment

Previous Post Next Post